يوسف البنخليل
صحيفة الوطن - العدد 1979 الخميس 12 مايو 2011
صحيفة الوطن - العدد 1979 الخميس 12 مايو 2011
المواقف الأمريكية تجاه البحرين خلال الأحداث الأخيرة ارتبطت بحلفاء واشنطن الجدد في المنامة، وهم شيعة ولاية الفقيه، حيث تدرج الموقف الأمريكي من الحياد إلى محاولة الضغط على الحكم، وبعدها انتقل إلى تأييد الحكم في دعوته للحوار، وأخيراً انتقل إلى الانتقاد المستمر تجاه مرحلة ما بعد الأزمة، رغم وجود بوادر على عودة الضغوط من جديد خلال الفترة المقبلة. السبب في ذلك كما ذكرنا أن واشنطن أدركت أنها خسرت الحلفاء الجدد إلى حد ما في ظل المعطيات الحالية، وما كان مخطط له منذ سنوات طويلة تم إنهاؤه بشكل سريع لأسباب متنوعة أبرزها استعجال الحلفاء الجدد في تحقيق الأهداف بعيداً عن النفس الطويل. فواشنطن كانت ترى ضرورة التأكد من كافة المعطيات حتى تضمن وصول الحلفاء الجدد إلى الحكم، وما حدث أن الحلفاء الجدد كانوا يرون المعطيات في صالحهم بشكل كبير، وهو ما دفعهم حتى إلى رفض الحوار الوطني عندما دعت إليه القيادة إلى نهاية الأحداث الفاشلة. بالمقابل لم تُعر واشنطن العائلة المالكة أو الطائفة السنية اهتماماً، فكانت مواقفها مبنيّة على مطالب حلفائها الجدد من أنصار ولاية الفقيه ومصلحتهم بالدرجة الأولى، ولم تنظر هذه المواقف تماماً إلى مصالح العائلة المالكة والطائفة السنية أو حتى العلاقات التاريخية معهم. فهي إن ضغطت فإنما ضغطت لحماية حلفائها الجدد باسم الديمقراطية، وإن ضغطت فإنها ضغطت لتحقيق مطالب الحلفاء الجدد سواءً تراوحت بين المطالبة بمزيد من الإصلاح السياسي، أو المطالبة بإسقاط النظام. المواقف الأمريكية تدرجت حسب الآتي: الحياد، الضغط، دعم المبادرة، الانتقاد المستمر. وخلاصة هذه المواقف أنها تتزامن بشكل يؤيد تطورات الأوضاع الميدانية التي يقوم بها حلفاء واشنطن الجدد، إضافةً إلى وضع خط رجعة للإدارة الأمريكية في حالة فشل هؤلاء الحلفاء المقترحين. كان التركيز قائماً على مصالح الحلفاء الجدد، وليس مصالح الحلفاء التقليديين، والسبب ظهور شعور عام لدى العائلة المالكة والطائفة السنية بأن الولايات المتحدة قامت بتغليب مصالحها على حساب مصالحهم والمصالح العليا للدولة البحرينية رغم عمق العلاقات بين الطرفين. مثل هذا الشعور أنهى الثقة بين الحكم والطائفة السنية من جهة وواشنطن من جهة أخرى بشكل كبير وهي التي تولدت على مدى أكثر من قرن من الزمن بشكل بات من الصعوبة بمكان إعادته سواءً قررت واشنطن ذلك أو حتى قررت المنامة ذلك. هذه هي حقيقة الوضع إذا كنا نتحدث بصراحة عن علاقة واشنطن بسُنة البحرين خلال الأحداث الماضية. بعد هذا الشعور ابتكرت الطائفة السنية معادلة جديدة للحكم داخل الدولة البحرينية بتأسيس تجمع الوحدة الوطنية الذي قلب الأوضاع داخل النظام السياسي بشكل أثر كثيراً في المعطيات التي ابتكرتها واشنطن مع حلفائها الجدد، وهذا ما سنتحدث عنه غداً.