يوسف البنخليل
صحيفة الوطن - العدد 1980 الجمعة 13 مايو 2011
صحيفة الوطن - العدد 1980 الجمعة 13 مايو 2011
إذا كانت أحداث 14 فبراير قد أنهت الثقة المتبادلة بين واشنطن من جهة والعائلة المالكة والطائفة السنية من جهة أخرى، فإنها لحظة ارتباك تاريخي لم تعشها واشنطن في تاريخ العلاقات البحرينية ـ الأمريكية أبداً. من وجهة نظر واشنطن كانت المعادلة السائدة هي وجود طرفين في النظام السياسي البحريني، الأولى تمثلها الأسرة المالكة التي تتحالف مع الطائفة السنية، والثانية هي الطائفة الشيعية التي لديها معارضة نشطة تمثل الحلفاء المستقبليين للإدارة الأمريكية في هذه الدولة. ولكن قيام تجمع الوحدة الوطنية بعد أسبوع واحد فقط (21 فبراير 2011) بشكل عفوي أوجد معادلة صعبة تستحق مزيداً من الدراسة والتحليل. والسؤال هنا: لماذا تشكّل تجمع الوحدة الوطنية بهذه السرعة رغم المحاولات العديدة التي بذلت على مدى أكثر من عقد من الزمن؟ الإجابة يمكن تقسيمها إلى جانبين، الأول يتعلق بالظروف السياسية التي لم تكن متوافرة في الفترات التاريخية السابقة على فبراير ,2011 والجانب الثاني يتعلق بصعوبة تشكيل تحالف بين جماعات سياسية مختلفة أيديولوجياً وإن كانت من ذات الانتماء الطائفي. فيما يتعلق بالجانب الأول فإن الظروف السياسية المتقلبة التي مرّت على البحرين منذ الستينات وحتى العام 2011 لم تحدث حالة من التهديد ضد الطائفة السنية بسبب تحالفها التاريخي والتقليدي مع العائلة المالكة، وحتى إن تعرّضت في أوقات كثيرة لأزمات فإنها سرعان ما تزول بسبب قوة هذا التحالف. ولكن أحداث فبراير الماضي تجاوزت مرحلة الخوف أو الهاجس ووصلت إلى التهديد المباشر الذي تمثل في مظاهر عديدة (حرق صور رموز الطائفة السنية، ورفع شعار ''ارحلوا''، الاعتداء على مواطنين من الطائفة السنية كما هو الحال بالنسبة لأحداث جامعة البحرين والفتاة بالقرب من المرفأ المالي). ولذلك كانت الظروف مواتية جداً لأن يتم جمع حشود هائلة من المواطنين السُنة في تجمع الوحدة الوطنية لأن ما يجمعهم ليس الانتماء الطائفي، وإنما التعرّض المشترك للتهديد من قبل أنصار ولاية الفقيه. أما الجانب الآخر من الإجابة على سؤال تشكيل تجمع الوحدة الوطنية، فإنه يرجع إلى الأحداث التي شهدتها البحرين منذ 2010 بعد خسارة الإسلاميين السُنة في الانتخابات التشريعية لأول مرة منذ العام .2002 ولذلك كانت هناك مصالح جماعية مشتركة لدى كافة القوى السياسية التي تمثل الطائفة السنية في الاتفاق سريعاً والدخول في ائتلاف يضم مجموعة من التنظيمات السياسية بحيث يكون هذا الائتلاف قادراً على استقطاب جماهير الطائفة لمواجهة التهديد المقبل. ولذلك كان من مصلحة الإسلاميين سواء الإخوان أو السلف المشاركة في ائتلاف سياسي مع الصوفية ومع الليبراليين من السُنة وغيرهم، وكذلك الحال بالنسبة لجميع القوى السياسية السُنية. بتشكيل تجمع الوحدة الوطنية كانت المفاجأة التي لم تكن واشنطن تتوقعها من سُنة البحرين بعد أن عكفت مراكز الأبحاث الأمريكية على رصد اتجاهات الطائفة السنية وتحليل مساراتها المستقبلية لاستحداث حلفاء جدد في منطقة الخليج. وباتت المعادلة الجديدة اليوم في النظام السياسي البحريني (العائلة المالكة، وتجمع الوحدة الوطنية، والطائفة الشيعية). هذه المعادلة الجديدة خلقت وضعاً جديداً في البحرين، وأصبح هذا الوضع بحاجة ماسة إلى إعادة النظر في كيفية التعامل معه سواء من قبل واشنطن أو حتى من قبل الطائفة الشيعية. هذا ما سنسعى لطرحه غداً.