Tuesday, July 19, 2011

واشنطن وسُنة البحرين‮.. ‬مـــــــوعـــد الارتبـــــــاك

يوسف البنخليل
صحيفة الوطن - العدد 1980 الجمعة 13 مايو 2011

إذا كانت أحداث‮ ‬14‮ ‬فبراير قد أنهت الثقة المتبادلة بين واشنطن من جهة والعائلة المالكة والطائفة السنية من جهة أخرى،‮ ‬فإنها لحظة ارتباك تاريخي‮ ‬لم تعشها واشنطن في‮ ‬تاريخ العلاقات البحرينية ـ الأمريكية أبداً‮. ‬ من وجهة نظر واشنطن كانت المعادلة السائدة هي‮ ‬وجود طرفين في‮ ‬النظام السياسي‮ ‬البحريني،‮ ‬الأولى تمثلها الأسرة المالكة التي‮ ‬تتحالف مع الطائفة السنية،‮ ‬والثانية هي‮ ‬الطائفة الشيعية التي‮ ‬لديها معارضة نشطة تمثل الحلفاء المستقبليين للإدارة الأمريكية في‮ ‬هذه الدولة‮. ‬ ولكن قيام تجمع الوحدة الوطنية بعد أسبوع واحد فقط‮ (‬21‮ ‬فبراير‮ ‬2011‮) ‬بشكل عفوي‮ ‬أوجد معادلة صعبة تستحق مزيداً‮ ‬من الدراسة والتحليل‮. ‬والسؤال هنا‮: ‬لماذا تشكّل تجمع الوحدة الوطنية بهذه السرعة رغم المحاولات العديدة التي‮ ‬بذلت على مدى أكثر من عقد من الزمن؟ الإجابة‮ ‬يمكن تقسيمها إلى جانبين،‮ ‬الأول‮ ‬يتعلق بالظروف السياسية التي‮ ‬لم تكن متوافرة في‮ ‬الفترات التاريخية السابقة على فبراير‮ ‬‭,‬2011‮ ‬والجانب الثاني‮ ‬يتعلق بصعوبة تشكيل تحالف بين جماعات سياسية مختلفة أيديولوجياً‮ ‬وإن كانت من ذات الانتماء الطائفي‮. ‬ فيما‮ ‬يتعلق بالجانب الأول فإن الظروف السياسية المتقلبة التي‮ ‬مرّت على البحرين منذ الستينات وحتى العام‮ ‬2011‮ ‬لم تحدث حالة من التهديد ضد الطائفة السنية بسبب تحالفها التاريخي‮ ‬والتقليدي‮ ‬مع العائلة المالكة،‮ ‬وحتى إن تعرّضت في‮ ‬أوقات كثيرة لأزمات فإنها سرعان ما تزول بسبب قوة هذا التحالف‮. ‬ولكن أحداث فبراير الماضي‮ ‬تجاوزت مرحلة الخوف أو الهاجس ووصلت إلى التهديد المباشر الذي‮ ‬تمثل في‮ ‬مظاهر عديدة‮ (‬حرق صور رموز الطائفة السنية،‮ ‬ورفع شعار‮ ''‬ارحلوا‮''‬،‮ ‬الاعتداء على مواطنين من الطائفة السنية كما هو الحال بالنسبة لأحداث جامعة البحرين والفتاة بالقرب من المرفأ المالي‮). ‬ولذلك كانت الظروف مواتية جداً‮ ‬لأن‮ ‬يتم جمع حشود هائلة من المواطنين السُنة في‮ ‬تجمع الوحدة الوطنية لأن ما‮ ‬يجمعهم ليس الانتماء الطائفي،‮ ‬وإنما التعرّض المشترك للتهديد من قبل أنصار ولاية الفقيه‮. ‬ أما الجانب الآخر من الإجابة على سؤال تشكيل تجمع الوحدة الوطنية،‮ ‬فإنه‮ ‬يرجع إلى الأحداث التي‮ ‬شهدتها البحرين منذ‮ ‬2010‮ ‬بعد خسارة الإسلاميين السُنة في‮ ‬الانتخابات التشريعية لأول مرة منذ العام‮ ‬‭.‬2002‮ ‬ولذلك كانت هناك مصالح جماعية مشتركة لدى كافة القوى السياسية التي‮ ‬تمثل الطائفة السنية في‮ ‬الاتفاق سريعاً‮ ‬والدخول في‮ ‬ائتلاف‮ ‬يضم مجموعة من التنظيمات السياسية بحيث‮ ‬يكون هذا الائتلاف قادراً‮ ‬على استقطاب جماهير الطائفة لمواجهة التهديد المقبل‮. ‬ولذلك كان من مصلحة الإسلاميين سواء الإخوان أو السلف المشاركة في‮ ‬ائتلاف سياسي‮ ‬مع الصوفية ومع الليبراليين من السُنة وغيرهم،‮ ‬وكذلك الحال بالنسبة لجميع القوى السياسية السُنية‮. ‬ بتشكيل تجمع الوحدة الوطنية كانت المفاجأة التي‮ ‬لم تكن واشنطن تتوقعها من سُنة البحرين بعد أن عكفت مراكز الأبحاث الأمريكية على رصد اتجاهات الطائفة السنية وتحليل مساراتها المستقبلية لاستحداث حلفاء جدد في‮ ‬منطقة الخليج‮. ‬وباتت المعادلة الجديدة اليوم في‮ ‬النظام السياسي‮ ‬البحريني‮ (‬العائلة المالكة،‮ ‬وتجمع الوحدة الوطنية،‮ ‬والطائفة الشيعية‮). ‬ هذه المعادلة الجديدة خلقت وضعاً‮ ‬جديداً‮ ‬في‮ ‬البحرين،‮ ‬وأصبح هذا الوضع بحاجة ماسة إلى إعادة النظر في‮ ‬كيفية التعامل معه سواء من قبل واشنطن أو حتى من قبل الطائفة الشيعية‮. ‬هذا ما سنسعى لطرحه‮ ‬غداً‮. ‬