يوسف البنخليل
صحيفة الوطن - العدد 1982 الأحد 15 مايو 2011
صحيفة الوطن - العدد 1982 الأحد 15 مايو 2011
بعد انتهاء أحداث فبراير الماضي بعملية الفاروق التي أدت إلى إخلاء وتحرير المناطق المحتلة في البلاد من أنصار ولاية الفقيه أدركت واشنطن أنها فقدت جانباً كبيراً من استراتيجيتها الرامية لتمكين حلفائها الجدد، ولذلك بدت المواقف الأمريكية متضاربة بعض الأوقات، إلا أنها اتخذت مساراً مغايراً بعد ذلك. فمن مطالبتها ودعمها للحوار الوطني بين كافة القوى السياسية والحكم انتقلت بعدها لتشكل موقفها سريعاً إزاء المشاركة الخليجية في حفظ الأمن والاستقرار السياسي في الدولة البحرينية، فإذا كانت بعض المواقف الدولية ''القاصرة'' ترى المشاركة الخليجية ''غزواً'' أو ''احتلالاً'' فإن واشنطن اعترفت سريعاً كغيرها من بلدان الاتحاد الأوروبي بأن المشاركة الخليجية من خلال قوات درع الجزيرة يأتي انطلاقاً من ''اتفاقيات الدفاع الخليجي المشترك''. فلماذا كان ذلك؟ كما ذكرنا كان موقف واشنطن حرجاً بعد أن انكشف الغطاء الذي كانت تحرص عليه طوال العقود الماضية من أجل التخلي عن الحلفاء التقليديين من الطائفة السُنية، حيث وصلت الأمور إلى درجة إمكانية إنهاء العلاقات القائمة بين الحكّام الخليجيين السُنة من جهة وواشنطن من جهة أخرى في حالة انتقادها المشاركة الدفاعية الخليجية، وهو ما أدركته سريعاً وسعت إلى تأكيد شرعية هذه المشاركة، وبيان دعمها لكافة إجراءات الأمن والاستقرار. في فترة سريعة لاحقاً بدأ الخطاب السياسي لأنصار ولاية الفقيه من الطائفة الشيعية في البحرين بالتحوّل من المطالبات بإسقاط النظام إلى المطالبة بالحفاظ على أمن الطائفة، وأمن القوى السياسية التي تورطت في أحداث فبراير، ولذلك كنا نجد محاولات مستميتة عبر وسائل الإعلام الإلكتروني، أو حتى عن طريق البيانات التي كانت تصدرها جمعية الوفاق بعد عملية الفاروق تدعو لوقف محاسبة المتورطين. ولكنها سرعان ما تحولت إلى مواقف سياسية تضغط على الدولة البحرينية والطائفة السنية من أجل عدم المساس بالمكتسبات التي تحققت لأنصار ولاية الفقيه طوال عقد من الزمن. بعدها تحوّل الموقف إلى درجة أشد، بحيث يتم تشويه سمعة البحرين دولياً وتكوين صورة ذهنية بأنها تعاني من انتهاكات لحقوق الإنسان، وأن المحاكمات تتم في محاكم عسكرية. وهذه الصورة كانت واضحة في العديد من وسائل الإعلام الأمريكية، وكذلك وسائل الإعلام الداعمة لتيار ولاية الفقيه في الشرق الأوسط مثل طهران وبغداد وبيروت، ونحن مازلنا نعيش هذه المرحلة التي يتوقع أن تستمر لفترة من الزمن. هذه الحالة السياسية التي وصلت لها العلاقات بين واشنطن وسُنة البحرين أتاحت أمام الإدارة الأمريكية عدة خيارات يمكن عرضها في الآتي: أولاً: الاستمرار في دعم الخيار الاستراتيجي بإيجاد حلفاء جدد من أنصار ولاية الفقيه. ثانياً: إعادة النظر في إيجاد حلفاء جدد آخرين غير ولاية الفقيه. ثالثاً: الحفاظ على الوضع القائم في منطقة الخليج العربي. أما فيما يتعلق بجدوى تنفيذ هذه الخيارات فسنفصله ابتداءً من غد لمعرفة تفاصيل أكثر حول هذه الخيارات وإمكانية تنفيذها، وتأثيرها على الطائفة السُنية في البحرين.