يوسف البنخليل
صحيفة الوطن - العدد 1977 الثلاثاء 10 مايو 2011
صحيفة الوطن - العدد 1977 الثلاثاء 10 مايو 2011
من الذي يجب أن يحكم البحرين من وجهة نظر واشنطن؟ طبعاً مثل هذا السؤال الحسّاس والمعقد لا يقوم على حق واشنطن في تقرير مصير شعب البحرين الذي قرر مصيره منذ قرون عندما بايع آل خليفة حكاماً. وبالتالي ليس من حقها ذلك سواءً بشكل مباشر أو غير مباشر. ولكن هذا السؤال يساعد على تقريب فهم العلاقة بين واشنطن وسُنة البحرين، فواشنطن عندما تسعى لتحديد طبيعة علاقاتها مع هذه الدولة أو تلك، أو عندما تحاول استحداث استراتيجية جديدة تجاه منطقة معينة يهمها كثيراً فهم مكونات المجتمع حتى تقرر من الذي يجب دعمه ليتولى الحكم. في البحرين المعطيات التاريخية معروفة وواضحة جداً، فمنذ فتح الأسرة الخليفية المالكة البحرين عام 1783 تحكمها الأسرة دون انقطاع، وهذا الحكم يقوم على عدة أسس تاريخية أهمها أن هناك قبيلة حاكمة ويجمعها تحالف تاريخي من الصعب إغفاله مع عدة قبائل أخرى بايعت الأسرة المالكة منذ قرون وبقيت حامية لها وتعيش في حكم آل خليفة. ورغم أن القبائل المتحالفة سُنية المذهب، إلا أن هذا لا يعني أن العائلة المالكة حرصت منذ قرون على الحفاظ على الخصوصية التي تتمتع بها البحرين من تعدد الأديان والمذاهب، والسماح للجميع بممارسة حرياته الدينية حتى وصل الأمر إلى مرحلة من التقنين بإصدار تشريعات تكفل هذه التعددية. واشنطن حصلت على منافع كثيرة من هذا التحالف منذ الأربعينات من القرن العشرين عندما بدأت بالحصول على تسهيلات عسكرية من حاكم البحرين، ورغم ذلك كانت تنظر إلى أن الحكم في البحرين مقسّم بين عدة أطراف وأجنحة، بعضها تقليدي وبعضها حديث، والآخر يمثل مرحلة انتقالية بين التقليدي والحديث. بهذه الرؤية القاصرة تنظر واشنطن إلى الحكم في البحرين بأنه يمر في مرحلة انتقالية بين الحكم التقليدي والحكم الحديث المعاصر، وهو ما يدفعها إلى الاعتقاد بأن الفرصة مواتية للاستفادة من هذه الظروف لإعادة هيكلة الدولة البحرينية وتشجيع ودعم قوى جديدة يمكن أن تحكم البحرين، وتحافظ على المصالح الأمريكية في هذا الأرخبيل على أن تكون امتداداً لقوة إقليمية جديدة ينبغي أن تكون الحامي الأساس لمصالح واشنطن في منطقة الخليج العربي. والجانب الآخر الذي تهمله واشنطن أنها لا ترى أهمية لتحليل القوى القبلية الموجودة في الدولة البحرينية، فهذه القوى ـ من الناحية التاريخية ـ تعمل على حفظ نظام الحكم ودعمه باستمرار، وإذا كانت هناك أية محاولات لتغيير الحلفاء التقليديين في الحكم إلى حلفاء جدد، فإنها لن تكون دقيقة وفعّالة إذا لم تشمل استهداف التكوينات القبلية الموجودة في البحرين والتي لها امتدادات على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي. غداً نتحدث عن ساعة الصفر التي انطلق فيها أنصار ولاية الفقيه لقلب نظام الحكم في البحرين، وموقف واشنطن من هذه الأحداث، وكيف كان موقفها من سُنة البحرين؟