يوسف البنخليل
صحيفة الوطن - العدد 1970 الثلاثاء 3 مايو 2011
صحيفة الوطن - العدد 1970 الثلاثاء 3 مايو 2011
لأسباب عدة منح حلف شمال الأطلسي (الناتو) البحرين لقب (الحليف الرئيس) من خارج أعضاء الحلف خلال فترة تولي الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الابن. حينها كانت الأمور تُفهم على أن هذه الميزة التي حظيت بها المنامة الهدف منها توثيق علاقات الحلف والولايات المتحدة تحديداً مع البحرين، إضافةً إلى رغبة الحلف في توسيع امتداداته بعد الإعلان عن إستراتيجيته الجديدة. ولكن هل كانت هناك أمور أخرى تقف وراء هذا التطور في العلاقات بين المنامة والناتو؟. عندما حظيت البحرين بهذا اللقب كانت الدولة الثانية في العالم التي تمنح هذه الميزة من هذا الحلف العسكري - السياسي. وفي ذلك الوقت لم يتم تحليل هذا التطور المفاجئ في العلاقات من قبل المحللين السياسيين كثيراً سواءً في داخل البحرين أو خارجها، ولكن كانت الأطروحات تتعلق بتوثيق العلاقات واهتمام الناتو بمنطقة الخليج العربي، وهو ما تبعه سلسلة من الزيارات المتبادلة من كبار المسؤولين في الجانبين، إضافة إلى ما عُرف لاحقاً بمبادرة إسطنبول للتعاون مع بلدان الشرق الأوسط والتي لعبت فيها الدبلوماسية البحرينية دوراً هاماً. في تلك الفترة كانت واشنطن في أوج انشغالها بإقامة الهلال الشيعي الخصيب الذي يمتد من طهران مروراً ببغداد وصولاً إلى المنامة باعتبارها بوابة أساسية لدول مجلس التعاون الخليجي لتغيير أنظمة الحكم فيها بعد قرار البيت الأبيض بضرورة استحداث بدائل مبتكرة وحلفاء جدد لواشنطن. وبذلك تم الاستفادة من البحرين لإقامة تعاون أوسع مع بلدان مجلس التعاون الخليجي، والاستفادة من التسهيلات التي يمكن الحصول عليها عسكرياً وسياسياً لتنفيذ سلسلة من المهام العسكرية بالمنطقة سواءً في العراق، أو حتى في أفغانستان في إطار الجهود المبذولة لمكافحة الإرهاب عقب أحداث سبتمبر .2001 مع مرور الوقت لوحظ أن دور الناتو بات سلبياً تجاه المنطقة، ورغم الاتفاقيات المتعددة التي وقعتها المنامة (اتفاقية أمن المعلومات مثالاً) وغيرها من العواصم الخليجية مع الناتو، إلا أن الحلف لم تكن له أدوار إيجابية ومؤثرة وفاعلة إزاء قضايا المنطقة، وتحديداً إزاء طهران وتهديداتها لدول مجلس التعاون. فكما هو معروف، فإن سياسات طهران تجاه المنطقة كانت ومازالت عدائية، فضلاً عن برنامجها النووي الطموح الرامي لامتلاك السلاح النووي. وكذلك الحال بالنسبة لتدخلاتها في بغداد والبحرين بشكل واضح جداً. والسؤال الذي يثار هنا، هل كان الحلف -رغم تعقيد آلية صنع قراراته- يدعم التوجه الذي تقوده الولايات المتحدة لإيجاد حلفاء جدد في المنطقة؟ وهل كان جاداً في التزاماته بالتعاون والدفاع عن دول الخليج، وعائلاتها الحاكمة السنية؟. سؤال حساس من الصعب الإجابة عليه بسهولة، ولكن المعطيات المتوافرة تشير إلى سلبية الناتو تجاه حكومات المنطقة التي حرصت على توثيق علاقاتها معه. فعلى سبيل المثال عندما واجهت دول مجلس التعاون تهديداً صريحاً من إيران لم تكن هناك أية تحركات أو مواقف إيجابية لمساعدة هذه الدول. الأمر الذي يشير إلى دعم وتأييد فكرة الهلال الشيعي الخصيب لمواجهة الحلفاء التقليديين السُنة، سواءً كانوا شعوباً أو حكومات أو عائلات مالكة. فالناتو كغيره من المنظمات التابعة للدول الغربية التي تؤثر فيها واشنطن بشكل كبير لا تهمه طبيعة التغييرات التي تحدث بقدر اهتمامه بمصالح حكوماته الغربية. وهو ما يفسّر لنا عدم ظهور تصريحات رسمية واضحة تفسر الصمت المطبق الذي خيّم على هذه المنظمة منذ فبراير الماضي!. علاقة مثل العلاقة الحالية بين المنامة والناتو أعتقد أنها باتت بحاجة ماسة للمراجعة وإعادة النظر فيها من جديد، خصوصاً وأن الطائفة السنية التي لم يكن لها اهتمام كبير بما يقوم به الحلف من عمليات عسكرية أو مواقف سياسية لا تقبل استمرار العمل ضدها بعد محاولات طهران الفاشلة لتغيير الحكم. غداً نواصل الحديث عن الخيارات المتاحة لحلف شمال الأطلسي (الناتو) لدعم التغيير في منطقة الخليج العربي بما يضمن مصالح الحكومات الغربية؟ ولماذا يتخاذل عن دعم الطائفة السُنية في البحرين والمنطقة؟.