Tuesday, July 19, 2011

واشنطن وسُنة البحرين‮.. ‬خداع الناتو

يوسف البنخليل
صحيفة الوطن - العدد 1970 الثلاثاء 3 مايو 2011

لأسباب عدة منح حلف شمال الأطلسي‮ (‬الناتو‮) ‬البحرين لقب‮ (‬الحليف الرئيس‮) ‬من خارج أعضاء الحلف خلال فترة تولي‮ ‬الرئيس الأمريكي‮ ‬السابق جورج بوش الابن‮. ‬حينها كانت الأمور تُفهم على أن هذه الميزة التي‮ ‬حظيت بها المنامة الهدف منها توثيق علاقات الحلف والولايات المتحدة تحديداً‮ ‬مع البحرين،‮ ‬إضافةً‮ ‬إلى رغبة الحلف في‮ ‬توسيع امتداداته بعد الإعلان عن إستراتيجيته الجديدة‮. ‬ولكن هل كانت هناك أمور أخرى تقف وراء هذا التطور في‮ ‬العلاقات بين المنامة والناتو؟‮.‬ عندما حظيت البحرين بهذا اللقب كانت الدولة الثانية في‮ ‬العالم التي‮ ‬تمنح هذه الميزة من هذا الحلف العسكري‮ - ‬السياسي‮. ‬وفي‮ ‬ذلك الوقت لم‮ ‬يتم تحليل هذا التطور المفاجئ في‮ ‬العلاقات من قبل المحللين السياسيين كثيراً‮ ‬سواءً‮ ‬في‮ ‬داخل البحرين أو خارجها،‮ ‬ولكن كانت الأطروحات تتعلق بتوثيق العلاقات واهتمام الناتو بمنطقة الخليج العربي،‮ ‬وهو ما تبعه سلسلة من الزيارات المتبادلة من كبار المسؤولين في‮ ‬الجانبين،‮ ‬إضافة إلى ما عُرف لاحقاً‮ ‬بمبادرة إسطنبول للتعاون مع بلدان الشرق الأوسط والتي‮ ‬لعبت فيها الدبلوماسية البحرينية دوراً‮ ‬هاماً‮. ‬ في‮ ‬تلك الفترة كانت واشنطن في‮ ‬أوج انشغالها بإقامة الهلال الشيعي‮ ‬الخصيب الذي‮ ‬يمتد من طهران مروراً‮ ‬ببغداد وصولاً‮ ‬إلى المنامة باعتبارها بوابة أساسية لدول مجلس التعاون الخليجي‮ ‬لتغيير أنظمة الحكم فيها بعد قرار البيت الأبيض بضرورة استحداث بدائل مبتكرة وحلفاء جدد لواشنطن‮. ‬ وبذلك تم الاستفادة من البحرين لإقامة تعاون أوسع مع بلدان مجلس التعاون الخليجي،‮ ‬والاستفادة من التسهيلات التي‮ ‬يمكن الحصول عليها عسكرياً‮ ‬وسياسياً‮ ‬لتنفيذ سلسلة من المهام العسكرية بالمنطقة سواءً‮ ‬في‮ ‬العراق،‮ ‬أو حتى في‮ ‬أفغانستان في‮ ‬إطار الجهود المبذولة لمكافحة الإرهاب عقب أحداث سبتمبر‮ ‬‭.‬2001 مع مرور الوقت لوحظ أن دور الناتو بات سلبياً‮ ‬تجاه المنطقة،‮ ‬ورغم الاتفاقيات المتعددة التي‮ ‬وقعتها المنامة‮ (‬اتفاقية أمن المعلومات مثالاً‮) ‬وغيرها من العواصم الخليجية مع الناتو،‮ ‬إلا أن الحلف لم تكن له أدوار إيجابية ومؤثرة وفاعلة إزاء قضايا المنطقة،‮ ‬وتحديداً‮ ‬إزاء طهران وتهديداتها لدول مجلس التعاون‮. ‬ فكما هو معروف،‮ ‬فإن سياسات طهران تجاه المنطقة كانت ومازالت عدائية،‮ ‬فضلاً‮ ‬عن برنامجها النووي‮ ‬الطموح الرامي‮ ‬لامتلاك السلاح النووي‮. ‬وكذلك الحال بالنسبة لتدخلاتها في‮ ‬بغداد والبحرين بشكل واضح جداً‮. ‬ والسؤال الذي‮ ‬يثار هنا،‮ ‬هل كان الحلف‮ -‬رغم تعقيد آلية صنع قراراته‮- ‬يدعم التوجه الذي‮ ‬تقوده الولايات المتحدة لإيجاد حلفاء جدد في‮ ‬المنطقة؟ وهل كان جاداً‮ ‬في‮ ‬التزاماته بالتعاون والدفاع عن دول الخليج،‮ ‬وعائلاتها الحاكمة السنية؟‮.‬ سؤال حساس من الصعب الإجابة عليه بسهولة،‮ ‬ولكن المعطيات المتوافرة تشير إلى سلبية الناتو تجاه حكومات المنطقة التي‮ ‬حرصت على توثيق علاقاتها معه‮. ‬فعلى سبيل المثال عندما واجهت دول مجلس التعاون تهديداً‮ ‬صريحاً‮ ‬من إيران لم تكن هناك أية تحركات أو مواقف إيجابية لمساعدة هذه الدول‮. ‬الأمر الذي‮ ‬يشير إلى دعم وتأييد فكرة الهلال الشيعي‮ ‬الخصيب لمواجهة الحلفاء التقليديين السُنة،‮ ‬سواءً‮ ‬كانوا شعوباً‮ ‬أو حكومات أو عائلات مالكة‮. ‬فالناتو كغيره من المنظمات التابعة للدول الغربية التي‮ ‬تؤثر فيها واشنطن بشكل كبير لا تهمه طبيعة التغييرات التي‮ ‬تحدث بقدر اهتمامه بمصالح حكوماته الغربية‮. ‬وهو ما‮ ‬يفسّر لنا عدم ظهور تصريحات رسمية واضحة تفسر الصمت المطبق الذي‮ ‬خيّم على هذه المنظمة منذ فبراير الماضي‮!.‬ علاقة مثل العلاقة الحالية بين المنامة والناتو أعتقد أنها باتت بحاجة ماسة للمراجعة وإعادة النظر فيها من جديد،‮ ‬خصوصاً‮ ‬وأن الطائفة السنية التي‮ ‬لم‮ ‬يكن لها اهتمام كبير بما‮ ‬يقوم به الحلف من عمليات عسكرية أو مواقف سياسية لا تقبل استمرار العمل ضدها بعد محاولات طهران الفاشلة لتغيير الحكم‮. ‬ غداً‮ ‬نواصل الحديث عن الخيارات المتاحة لحلف شمال الأطلسي‮ (‬الناتو‮) ‬لدعم التغيير في‮ ‬منطقة الخليج العربي‮ ‬بما‮ ‬يضمن مصالح الحكومات الغربية؟ ولماذا‮ ‬يتخاذل عن دعم الطائفة السُنية في‮ ‬البحرين والمنطقة؟‮.‬