يوسف البنخليل
صحيفة الوطن - العدد 1972 الخميس 5 مايو 2011
صحيفة الوطن - العدد 1972 الخميس 5 مايو 2011
نسمع كثيراً عن قيام الحكومات الأمريكية المتعاقبة بتمويل التنظيمات السياسية المعارضة في مختلف أنحاء العالم دعماً لمصالحها الاستراتيجية، ودعماً لمواقفها، ولكن هل قامت واشنطن بتمويل المعارضة في البحرين لتحقيق أهداف معيّنة؟ عقب أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 أعلن الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش نيته في نشر الديمقراطية بالدول العربية والإسلامية، وذلك منعاً لاستمرار وجود أنظمة سياسية مستبدة تدعم الإرهاب، وتحارب مصالح الولايات المتحدة الأمريكية. فأطلق في 12 ديسمبر 2002 مبادرة الشراكة الأمريكية-الشرق أوسطية والتي تعرف اختصاراً بـ(مي بي)، وهدف هذه المبادرة هو تعزيز التواصل المباشر بين واشنطن مع شعوب دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وتقوم المبادرة على تكوين شراكات مع المواطنين لإنشاء مجمعات مزدهرة عبر مؤسسات المجتمع المدني والأكاديميين والحكومات أيضاً. ووفقاً لهذه المبادرة قدمت واشنطن مجموعة من المشاريع المشتركة انتهى 31 مشروعاً منها، واستفادت البحرين من هذه المشاريع، إضافةً إلى 6 مشاريع خاصة بمؤسسات المجتمع المدني في البحرين فقط. والسؤال هنا من الذي استفاد من مشاريع هذه المبادرة التي أنفقت عليها واشنطن ملايين الدولارات؟ يمكن الحصول على قائمة مختصرة وجيدة عن الجهات المستفيدة من السفارة الأمريكية أو حتى عبر مصادر أخرى، وخلاصة هذه القائمة أن الجهات المستفيدة كان لها دور كبير في الأحداث التي شهدتها البحرين مؤخراً بقيام مجموعات معارضة بالمطالبة بإسقاط نظام الحكم وإنشاء الجمهورية الإسلامية في البحرين، فضلاً عن الحملة الإعلامية الشديدة التي تعرضت لها المملكة من قبل المناصرين لتيار ولاية الفقيه. لن نتحدث عن عموميات، ولكننا سنطرح حالتين تستحقان الدراسة والتحليل. الحالة الأولى هي جمعية البحرين لحقوق الإنسان التي أسسها أعضاء (وعد) لتكون ذراعاً حقوقية لجمعية العمل الوطني الديمقراطي، فقد حظيت هذه الجمعية بدعم كبير من مبادرة (مي بي) ورغم عدم الإعلان عن حجم الأموال المقدمة من الخزانة الأمريكية للجمعية، إلا أن الدعم كانت فكرته ''تعظيم التأييد الشعبي والبرلماني والحكومي لحماية حقوق الإنسان في البحرين''، أما بالنسبة لهدف المشروع فهو ''تمكين جمعية حقوق الإنسان البحرينية من تحويل التقرير إلى آلية فعّالة من أجل تحقيق تأثير أكثر أهمية بالنسبة للرأي العام وسياسة الحكومة والإجراءات التشريعية''. وبفضل التمويل الذي حظيت به الجمعية قامت بإعداد سلسلة من الأبحاث حول حقوق الإنسان في البحرين، وطباعة 1000 نسخة من التقرير بتمويل أمريكي طبعاً. ومعروف جداً طبيعة مواقف هذه الجمعية المنحازة وغير الموضوعية تجاه الأوضاع الحقوقية في المملكة، وتورط عدد من أعضائها فيما حدث في دوار مجلس التعاون الخليجي. الحالة الثانية يمثلها مركز سمارت للتطوير الشخصي الذي قامت واشنطن من خلاله بتنفيذ ورشات عمل (بيرفوت) حول التأثير في الوعي والرأي العام عن طريق رسائل الفيديو، وهدفت هذه الورش إلى تعزيز مهارات المتدربين على نقل الرسائل إلى العامة من خلال الفيديو أو ما يسمى بـ(إعلانات الخدمة العامة) ذات الجودة العالية يمكن بثها من خلال التلفاز والإنترنت والهواتف النقالة. هذا المركز يعد من المؤسسات التدريبية النشطة في المملكة، وقام من خلال هذه الورش لمدة 3 أسابيع بتدريب نحو 14 ممثلاً عن 7 جمعيات تم اختيارها بعناية ولها أنشطة واسعة في مجال التنمية والديمقراطية. وحسب الخطة الموضوعة فإنه من المقرر أن يتولى الذين تم تدريبهم تدريب آخرين بعد انتهاء الورش. بعد الأحداث الأخيرة يدرك الجميع جيداً مدى الحرفية التي ظهرت عليها أفلام الفيديو التي قام بإعدادها أنصار ولاية الفقيه في محاولتهم الانقلاب على حكم آل خليفة، وبسهولة يمكن ربط هذه الحرفية بدعم الولايات المتحدة، خصوصاً إذا عرفنا أن هذا المركز التدريبي قدم دورات في مجال صناعة القادة بدعم من السفارة البريطانية أيضاً خلال العام .2009 والسؤال الذي نحتاج لإجابته هنا، هو كيف كان موقف سُنة البحرين إزاء مبادرة (مي بي)؟ وهل استفادوا منها أيضاً كما استفاد منها أنصار ولاية الفقيه في المنامة؟ هذا ما سنتحدث عنه غداً.