Tuesday, July 19, 2011

واشنطن وسُنة‮ ‬ البحرين‮.. ‬تمويل المعارضة

يوسف البنخليل
صحيفة الوطن - العدد 1972 الخميس 5 مايو 2011

نسمع كثيراً‮ ‬عن قيام الحكومات الأمريكية المتعاقبة بتمويل التنظيمات السياسية المعارضة في‮ ‬مختلف أنحاء العالم دعماً‮ ‬لمصالحها الاستراتيجية،‮ ‬ودعماً‮ ‬لمواقفها،‮ ‬ولكن هل قامت واشنطن بتمويل المعارضة في‮ ‬البحرين لتحقيق أهداف معيّنة؟ عقب أحداث الحادي‮ ‬عشر من سبتمبر‮ ‬2001‮ ‬أعلن الرئيس الأمريكي‮ ‬السابق جورج بوش نيته في‮ ‬نشر الديمقراطية بالدول العربية والإسلامية،‮ ‬وذلك منعاً‮ ‬لاستمرار وجود أنظمة سياسية مستبدة تدعم الإرهاب،‮ ‬وتحارب مصالح الولايات المتحدة الأمريكية‮. ‬فأطلق في‮ ‬12‮ ‬ديسمبر‮ ‬2002‮ ‬مبادرة الشراكة الأمريكية-الشرق أوسطية والتي‮ ‬تعرف اختصاراً‮ ‬بـ(مي‮ ‬بي‮)‬،‮ ‬وهدف هذه المبادرة هو تعزيز التواصل المباشر بين واشنطن مع شعوب دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا،‮ ‬وتقوم المبادرة على تكوين شراكات مع المواطنين لإنشاء مجمعات مزدهرة عبر مؤسسات المجتمع المدني‮ ‬والأكاديميين والحكومات أيضاً‮.‬ ووفقاً‮ ‬لهذه المبادرة قدمت واشنطن مجموعة من المشاريع المشتركة انتهى‮ ‬31‮ ‬مشروعاً‮ ‬منها،‮ ‬واستفادت البحرين من هذه المشاريع،‮ ‬إضافةً‮ ‬إلى‮ ‬6‮ ‬مشاريع خاصة بمؤسسات المجتمع المدني‮ ‬في‮ ‬البحرين فقط‮. ‬والسؤال هنا من الذي‮ ‬استفاد من مشاريع هذه المبادرة التي‮ ‬أنفقت عليها واشنطن ملايين الدولارات؟ يمكن الحصول على قائمة مختصرة وجيدة عن الجهات المستفيدة من السفارة الأمريكية أو حتى عبر مصادر أخرى،‮ ‬وخلاصة هذه القائمة أن الجهات المستفيدة كان لها دور كبير في‮ ‬الأحداث التي‮ ‬شهدتها البحرين مؤخراً‮ ‬بقيام مجموعات معارضة بالمطالبة بإسقاط نظام الحكم وإنشاء الجمهورية الإسلامية في‮ ‬البحرين،‮ ‬فضلاً‮ ‬عن الحملة الإعلامية الشديدة التي‮ ‬تعرضت لها المملكة من قبل المناصرين لتيار ولاية الفقيه‮.‬ لن نتحدث عن عموميات،‮ ‬ولكننا سنطرح حالتين تستحقان الدراسة والتحليل‮. ‬الحالة الأولى هي‮ ‬جمعية البحرين لحقوق الإنسان التي‮ ‬أسسها أعضاء‮ (‬وعد‮) ‬لتكون ذراعاً‮ ‬حقوقية لجمعية العمل الوطني‮ ‬الديمقراطي،‮ ‬فقد حظيت هذه الجمعية بدعم كبير من مبادرة‮ (‬مي‮ ‬بي‮) ‬ورغم عدم الإعلان عن حجم الأموال المقدمة من الخزانة الأمريكية للجمعية،‮ ‬إلا أن الدعم كانت فكرته‮ ''‬تعظيم التأييد الشعبي‮ ‬والبرلماني‮ ‬والحكومي‮ ‬لحماية حقوق الإنسان في‮ ‬البحرين‮''‬،‮ ‬أما بالنسبة لهدف المشروع فهو‮ ''‬تمكين جمعية حقوق الإنسان البحرينية من تحويل التقرير إلى آلية فعّالة من أجل تحقيق تأثير أكثر أهمية بالنسبة للرأي‮ ‬العام وسياسة الحكومة والإجراءات التشريعية‮''. ‬وبفضل التمويل الذي‮ ‬حظيت به الجمعية قامت بإعداد سلسلة من الأبحاث حول حقوق الإنسان في‮ ‬البحرين،‮ ‬وطباعة‮ ‬1000‮ ‬نسخة من التقرير بتمويل أمريكي‮ ‬طبعاً‮. ‬ومعروف جداً‮ ‬طبيعة مواقف هذه الجمعية المنحازة وغير الموضوعية تجاه الأوضاع الحقوقية في‮ ‬المملكة،‮ ‬وتورط عدد من أعضائها فيما حدث في‮ ‬دوار مجلس التعاون الخليجي‮.‬ الحالة الثانية‮ ‬يمثلها مركز سمارت للتطوير الشخصي‮ ‬الذي‮ ‬قامت واشنطن من خلاله بتنفيذ ورشات عمل‮ (‬بيرفوت‮) ‬حول التأثير في‮ ‬الوعي‮ ‬والرأي‮ ‬العام عن طريق رسائل الفيديو،‮ ‬وهدفت هذه الورش إلى تعزيز مهارات المتدربين على نقل الرسائل إلى العامة من خلال الفيديو أو ما‮ ‬يسمى بـ(إعلانات الخدمة العامة‮) ‬ذات الجودة العالية‮ ‬يمكن بثها من خلال التلفاز والإنترنت والهواتف النقالة‮. ‬ هذا المركز‮ ‬يعد من المؤسسات التدريبية النشطة في‮ ‬المملكة،‮ ‬وقام من خلال هذه الورش لمدة‮ ‬3‮ ‬أسابيع بتدريب نحو‮ ‬14‮ ‬ممثلاً‮ ‬عن‮ ‬7‮ ‬جمعيات تم اختيارها بعناية ولها أنشطة واسعة في‮ ‬مجال التنمية والديمقراطية‮. ‬وحسب الخطة الموضوعة فإنه من المقرر أن‮ ‬يتولى الذين تم تدريبهم تدريب آخرين بعد انتهاء الورش‮. ‬بعد الأحداث الأخيرة‮ ‬يدرك الجميع جيداً‮ ‬مدى الحرفية التي‮ ‬ظهرت عليها أفلام الفيديو التي‮ ‬قام بإعدادها أنصار ولاية الفقيه في‮ ‬محاولتهم الانقلاب على حكم آل خليفة،‮ ‬وبسهولة‮ ‬يمكن ربط هذه الحرفية بدعم الولايات المتحدة،‮ ‬خصوصاً‮ ‬إذا عرفنا أن هذا المركز التدريبي‮ ‬قدم دورات في‮ ‬مجال صناعة القادة بدعم من السفارة البريطانية أيضاً‮ ‬خلال العام‮ ‬‭.‬2009‮ ‬ والسؤال الذي‮ ‬نحتاج لإجابته هنا،‮ ‬هو كيف كان موقف سُنة البحرين إزاء مبادرة‮ (‬مي‮ ‬بي‮)‬؟ وهل استفادوا منها أيضاً‮ ‬كما استفاد منها أنصار ولاية الفقيه في‮ ‬المنامة؟ هذا ما سنتحدث عنه‮ ‬غداً‮.‬