يوسف البنخليل
صحيفة الوطن - العدد 1965 الخميس 28 أبريل 2011
صحيفة الوطن - العدد 1965 الخميس 28 أبريل 2011
استراتيجياً يعد العراق بلداً من دول الجوار الجغرافي والتفاعلي للبحرين، وأهمية هذا البلد معروفة ولسنا بحاجة للحديث عنها. ولكن من الأهمية بمكان الحديث حول تداعيات غزو العراق وتأثيره على العلاقات بين سُنة البحرين وواشنطن. في مارس 2003 كان العالم على موعد مع سقوط نظام البعث في بغداد، ولم يكن سُنة البحرين ينظرون إلى حكم صدام على أنه نظام حكم سني بسبب الأيديولوجية البعثية التي كانت تحكم خلال فترة الرئيس الأسبق صدام حسين. ومع ذلك كان ينظر إلى أن النظام البعثي هو صمام أمان للطائفة السنية الأكبر هناك، خصوصاً في ظل وجود خطر إيراني. وهذه النظرة السنية تجاه الأوضاع في العراق اختلفت لاحقاً بعد سقوط البعث، إذ أصبح كثير من أبناء الطائفة السنية في البحرين ينظرون إلى صدام بأنه حكم السنة الذي رحل بلاعودة، رغم قناعاتهم بالجرائم الكبيرة التي ارتكبت في ذلك العهد. ولكن كيف كانت تنظر واشنطن لفكرة غزو العراق؟ كانت المعادلة الأمريكية تقوم على أن إثارة الفوضى في منطقة الخليج يبدأ من العراق المحاصر أيام صدام حسين، بحيث يتم غزو بغداد، وضمان زيادة النفوذ الشيعي في النظام العراقي كما هو معمول به الآن، ومن ثم تتراجع الخيارات المتاحة للطائفة السنية في البحرين ودول مجلس التعاون الخليجي، فإذا كان العراق ينظر إليه على أنه قوة سنية سابقاً، فإنه سيتحول بعد الغزو إلى قوة شيعية من الاستحالة التعويل عليه من قبل شعوب وحكومات دول مجلس التعاون لاحقاً، وهذا ما تم بالفعل. شكّل غزو العراق بروفة أوليّة وميدان تجارب حقيقي للمحافظين الجدد في الولايات المتحدة للتعرف على قدرة الشيعة العرب في مزاولة مهام الحكم، وقدرتهم على إنهاء النفوذ السياسي للطائفة السنية. وما ساعد على تحقيق ذلك هو الدعم الكبير الذي حظي به أنصار ولاية الفقيه في العراق (حزب الدعوة) من قبل طهران بعلم ودراية من قبل سلطات الاحتلال الأمريكية. لنرجع قليلاً إلى الوراء، لمعرفة الدور البحريني في غزو العراق لأنه مهم للغاية لتحديد تضارب المصالح لاحقاً. الموقف البحريني تجاه الغزو لم يختلف عن مواقف دول مجلس التعاون الخليجي، فجميع هذه البلدان أكدت حرصها على وحدة وسلامة العراق، ولم تشارك بشكل مباشر بقواتها في الغزو. والأحداث تسجّل للمنامة دعوتها لإنهاء حكم البعث بشكل سلمي عندما طلبت من الرئيس صدام التنحي عن السلطة مع ضمان لجوئه السياسي وعائلته في المنامة. وسبب ذلك أن هناك اعتقاداً كان سائداً خلال فترة تشكيل مواقف دول مجلس التعاون قبيل غزو العراق، وهو إمكانية نقل السلطة للشعب العراقي دون تدخل أمريكي سيكون أفضل من التدخل الأمريكي لأن الأخير يعني تحكم كامل في العراق من قبل واشنطن التي ستقدم بغداد لطهران. لم تشارك المنامة في العمليات العسكرية ضد بغداد، ولكنها شاركت في حماية المياه الإقليمية للكويت آنذاك. وبعد سقوط نظام صدام زادت هواجس سُنة البحرين تجاه تطورات الأوضاع في المنطقة لأن واشنطن باحتلالها العراق وتقديمها لإيران كانت تزيد من تعقيد الأوضاع الطائفية في المنطقة، خصوصاً بعد التصفيات الجسدية التي عانى منها سُنة العراق على يد أنصار ولاية الفقيه. خلاصة هذه الفترة أن سُنة البحرين أصبحوا ينظرون إلى شعب العراق بشكل فاتر لاعتقادهم بأن تجربة الغزو فاشلة وساهمت في تفاقم الأوضاع في المنطقة بسبب زيادة نفوذ تيار ولاية الفقيه، وسبب هذا كله واشنطن التي انقلبت على السّنة سريعاً بالإعلان عما يسمى بـ ''كوبونات صدام''، ثم ''جرائم سجن أبوغريب''. غداً سنكشف ممارسات واشنطن من العراق تجاه سُنة البحرين عبر ممثل السيستاني في المحرق؟