Tuesday, July 19, 2011

واشنطن وسُنة البحرين‮.. ‬ظلم ذوي‮ ‬القربى

يوسف البنخليل
صحيفة الوطن - العدد 1965 الخميس 28 أبريل 2011

   استراتيجياً‮ ‬يعد العراق بلداً‮ ‬من دول الجوار الجغرافي‮ ‬والتفاعلي‮ ‬للبحرين،‮ ‬وأهمية هذا البلد معروفة ولسنا بحاجة للحديث عنها‮. ‬ولكن من الأهمية بمكان الحديث حول تداعيات‮ ‬غزو العراق وتأثيره على العلاقات بين سُنة البحرين وواشنطن‮. ‬في‮ ‬مارس‮ ‬2003‮ ‬كان العالم على موعد مع سقوط نظام البعث في‮ ‬بغداد،‮ ‬ولم‮ ‬يكن سُنة البحرين‮ ‬ينظرون إلى حكم صدام على أنه نظام حكم سني‮ ‬بسبب الأيديولوجية البعثية التي‮ ‬كانت تحكم خلال فترة الرئيس الأسبق صدام حسين‮. ‬ومع ذلك كان‮ ‬ينظر إلى أن النظام البعثي‮ ‬هو صمام أمان للطائفة السنية الأكبر هناك،‮ ‬خصوصاً‮ ‬في‮ ‬ظل وجود خطر إيراني‮. ‬وهذه النظرة السنية تجاه الأوضاع في‮ ‬العراق اختلفت لاحقاً‮ ‬بعد سقوط البعث،‮ ‬إذ أصبح كثير من أبناء الطائفة السنية في‮ ‬البحرين‮ ‬ينظرون إلى صدام بأنه حكم السنة الذي‮ ‬رحل بلاعودة،‮ ‬رغم قناعاتهم بالجرائم الكبيرة التي‮ ‬ارتكبت في‮ ‬ذلك العهد‮. ‬ولكن كيف كانت تنظر واشنطن لفكرة‮ ‬غزو العراق؟‮ ‬كانت المعادلة الأمريكية تقوم على أن إثارة الفوضى في‮ ‬منطقة الخليج‮ ‬يبدأ من العراق المحاصر أيام صدام حسين،‮ ‬بحيث‮ ‬يتم‮ ‬غزو بغداد،‮ ‬وضمان زيادة النفوذ الشيعي‮ ‬في‮ ‬النظام العراقي‮ ‬كما هو معمول به الآن،‮ ‬ومن ثم تتراجع الخيارات المتاحة للطائفة السنية في‮ ‬البحرين ودول مجلس التعاون الخليجي،‮ ‬فإذا كان العراق‮ ‬ينظر إليه على أنه قوة سنية سابقاً،‮ ‬فإنه سيتحول بعد الغزو إلى قوة شيعية من الاستحالة التعويل عليه من قبل شعوب وحكومات دول مجلس التعاون لاحقاً،‮ ‬وهذا ما تم بالفعل‮. ‬ شكّل‮ ‬غزو العراق بروفة أوليّة وميدان تجارب حقيقي‮ ‬للمحافظين الجدد في‮ ‬الولايات المتحدة للتعرف على قدرة الشيعة العرب في‮ ‬مزاولة مهام الحكم،‮ ‬وقدرتهم على إنهاء النفوذ السياسي‮ ‬للطائفة السنية‮. ‬وما ساعد على تحقيق ذلك هو الدعم الكبير الذي‮ ‬حظي‮ ‬به أنصار ولاية الفقيه في‮ ‬العراق‮ (‬حزب الدعوة‮) ‬من قبل طهران بعلم ودراية من قبل سلطات الاحتلال الأمريكية‮. ‬ لنرجع قليلاً‮ ‬إلى الوراء،‮ ‬لمعرفة الدور البحريني‮ ‬في‮ ‬غزو العراق لأنه مهم للغاية لتحديد تضارب المصالح لاحقاً‮. ‬الموقف البحريني‮ ‬تجاه الغزو لم‮ ‬يختلف عن مواقف دول مجلس التعاون الخليجي،‮ ‬فجميع هذه البلدان أكدت حرصها على وحدة وسلامة العراق،‮ ‬ولم تشارك بشكل مباشر بقواتها في‮ ‬الغزو‮. ‬والأحداث تسجّل للمنامة دعوتها لإنهاء حكم البعث بشكل سلمي‮ ‬عندما طلبت من الرئيس صدام التنحي‮ ‬عن السلطة مع ضمان لجوئه السياسي‮ ‬وعائلته في‮ ‬المنامة‮. ‬وسبب ذلك أن هناك اعتقاداً‮ ‬كان سائداً‮ ‬خلال فترة تشكيل مواقف دول مجلس التعاون قبيل‮ ‬غزو العراق،‮ ‬وهو إمكانية نقل السلطة للشعب العراقي‮ ‬دون تدخل أمريكي‮ ‬سيكون أفضل من التدخل الأمريكي‮ ‬لأن الأخير‮ ‬يعني‮ ‬تحكم كامل في‮ ‬العراق من قبل واشنطن التي‮ ‬ستقدم بغداد لطهران‮. ‬لم تشارك المنامة في‮ ‬العمليات العسكرية ضد بغداد،‮ ‬ولكنها شاركت في‮ ‬حماية المياه الإقليمية للكويت آنذاك‮. ‬وبعد سقوط نظام صدام زادت هواجس سُنة البحرين تجاه تطورات الأوضاع في‮ ‬المنطقة لأن واشنطن باحتلالها العراق وتقديمها لإيران كانت تزيد من تعقيد الأوضاع الطائفية في‮ ‬المنطقة،‮ ‬خصوصاً‮ ‬بعد التصفيات الجسدية التي‮ ‬عانى منها سُنة العراق على‮ ‬يد أنصار ولاية الفقيه‮. ‬خلاصة هذه الفترة أن سُنة البحرين أصبحوا‮ ‬ينظرون إلى شعب العراق بشكل فاتر لاعتقادهم بأن تجربة الغزو فاشلة وساهمت في‮ ‬تفاقم الأوضاع في‮ ‬المنطقة بسبب زيادة نفوذ تيار ولاية الفقيه،‮ ‬وسبب هذا كله واشنطن التي‮ ‬انقلبت على السّنة سريعاً‮ ‬بالإعلان عما‮ ‬يسمى بـ‮ ''‬كوبونات صدام‮''‬،‮ ‬ثم‮ ''‬جرائم سجن أبوغريب‮''. ‬غداً‮ ‬سنكشف ممارسات واشنطن من العراق تجاه سُنة البحرين عبر ممثل السيستاني‮ ‬في‮ ‬المحرق؟