يوسف البنخليل
صحيفة الوطن - العدد 1969 الأثنين 2 مايو 2011
صحيفة الوطن - العدد 1969 الأثنين 2 مايو 2011
تحكم سُنة البحرين وسُنة العراق مجموعة من الظروف المتشابهة، وهذه الظروف خلقها تحالف ثلاثي غير معلن، ولكنه استطاع تحقيق نتائج كبيرة على أرض الواقع منذ العام 2003 وحتى الآن، هذا التحالف يضم واشنطن - طهران - بغداد استهدف تكوين الهلال الشيعي الخصيب، وتشكيل الدولة الشيعية الخليجية في المنطقة لتكون امتداداً لحكم ولاية الفقيه في المنطقة. سُنة البحرين كان يهمهم مجريات الأمور في بغداد، وكانوا ينظرون إلى تشكيل العلاقة الجديدة بين شيعة العراق والحاكم الأمريكي هناك بأنها تمثل تهديداً مستقبلياً لهم، ولكن لم يكن في الحسبان أن ينقلب هذا التحالف ضدهم بشكل سريع ومباشر. اللافت أن واشنطن ركزت منذ احتلالها بغداد على تكوين صورة ذهنية تقوم على أن سُنة بغداد هم الذين يقفون وراء الأعمال الإرهابية، ولذلك تم لصق معظم الأنشطة الإرهابية بالقاعدة، وغيرها من التنظيمات السياسية الإرهابية التي عادة ما توصف بأنها ''سُنية''. والهدف من هذه الخطوة كان ضمان استمرار تأييد الرأي العام الدولي لسياسات واشنطن التي سيأتي يوم ويتم الكشف عنها بأنها تدعم الطائفة الشيعية في الخليج على حساب حلفائها التقليديين من الطائفة السنية. لم يكن هناك موقف واضح وصارم من قبل الحكومات الخليجية تجاه تداعيات التحالف التي أنشأته واشنطن بين بغداد وطهران. ولكن المخاوف كانت مستمرة بشكل غير علني، وظهر في بعض الأوقات في شكل تصريحات للدبلوماسيين الخليجيين، وبعض الأوراق البحثية التي أصدرتها مراكز الأبحاث في المنطقة. من هنا عمل التحالف الثلاثي (واشنطن ـ بغداد ـ طهران) على ضمان استمرار التدخلات الإيرانية والعراقية في الشأن السياسي البحريني، فقبيل انتخابات 2010 طالب أحد كبار المراجع الشيعية في العراق وهو آية الله إسحاق الفيّاض جمعية الوفاق في لقاء خاص أن يكون نشاطها ''وطنياً وليس شيعياً''. هذه النظرة التي أطلقها الفيّاض نظرة تؤكد ضرورة استمرار العلاقات التحالفية بين الوفاق وجمعية العمل الوطني الديمقراطي (وعد)، بحيث تكون هذه التوجيهات الدينية ـ السياسية أساساً لاستمرار استغلال (وعد) حتى يظهر نشاط تيار ولاية الفقيه بأنه وطني وليس طائفياً. لم تقتصر المسألة على رؤية الفيّاض لوفد الوفاق عندما زاره في العراق، ولكن حتى رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي الذي يمثل الحاكم السياسي لولاية الفقيه عندما التقى وفد الوفاق طالبها الاستفادة من تجربة بغداد باعتبار التحديات متشابهة في البلدين. في ضوء ذلك تعززت العلاقات بين بغداد والمنامة بفضل جهود واشنطن لضرب سُنة البحرين، حتى أصبحت الوفاق تتلقى توجيهاتها من الخارج باعتبارها استشارات دينية ـ سياسية. غداً سنتحدث عن موقف حلف شمال الأطلسي (الناتو) من سُنة البحرين؟ ومدى جديته في حمايتهم من التهديدات الخارجية؟