Tuesday, July 19, 2011

واشنطن وسُنة البحرين‮.. ‬تجربة العراق

يوسف البنخليل
صحيفة الوطن - العدد 1969 الأثنين 2 مايو 2011

تحكم سُنة البحرين وسُنة العراق مجموعة من الظروف المتشابهة،‮ ‬وهذه الظروف خلقها تحالف ثلاثي‮ ‬غير معلن،‮ ‬ولكنه استطاع تحقيق نتائج كبيرة على أرض الواقع منذ العام‮ ‬2003‮ ‬وحتى الآن،‮ ‬هذا التحالف‮ ‬يضم واشنطن‮ - ‬طهران‮ - ‬بغداد استهدف تكوين الهلال الشيعي‮ ‬الخصيب،‮ ‬وتشكيل الدولة الشيعية الخليجية في‮ ‬المنطقة لتكون امتداداً‮ ‬لحكم ولاية الفقيه في‮ ‬المنطقة‮. ‬سُنة البحرين كان‮ ‬يهمهم مجريات الأمور في‮ ‬بغداد،‮ ‬وكانوا‮ ‬ينظرون إلى تشكيل العلاقة الجديدة بين شيعة العراق والحاكم الأمريكي‮ ‬هناك بأنها تمثل تهديداً‮ ‬مستقبلياً‮ ‬لهم،‮ ‬ولكن لم‮ ‬يكن في‮ ‬الحسبان أن‮ ‬ينقلب هذا التحالف ضدهم بشكل سريع ومباشر‮. ‬ اللافت أن واشنطن ركزت منذ احتلالها بغداد على تكوين صورة ذهنية تقوم على أن سُنة بغداد هم الذين‮ ‬يقفون وراء الأعمال الإرهابية،‮ ‬ولذلك تم لصق معظم الأنشطة الإرهابية بالقاعدة،‮ ‬وغيرها من التنظيمات السياسية الإرهابية التي‮ ‬عادة ما توصف بأنها‮ ''‬سُنية‮''. ‬والهدف من هذه الخطوة كان ضمان استمرار تأييد الرأي‮ ‬العام الدولي‮ ‬لسياسات واشنطن التي‮ ‬سيأتي‮ ‬يوم ويتم الكشف عنها بأنها تدعم الطائفة الشيعية في‮ ‬الخليج على حساب حلفائها التقليديين من الطائفة السنية‮. ‬لم‮ ‬يكن هناك موقف واضح وصارم من قبل الحكومات الخليجية تجاه تداعيات التحالف التي‮ ‬أنشأته واشنطن بين بغداد وطهران‮. ‬ولكن المخاوف كانت مستمرة بشكل‮ ‬غير علني،‮ ‬وظهر في‮ ‬بعض الأوقات في‮ ‬شكل تصريحات للدبلوماسيين الخليجيين،‮ ‬وبعض الأوراق البحثية التي‮ ‬أصدرتها مراكز الأبحاث في‮ ‬المنطقة‮. ‬ من هنا عمل التحالف الثلاثي‮ (‬واشنطن ـ بغداد ـ طهران‮) ‬على ضمان استمرار التدخلات الإيرانية والعراقية في‮ ‬الشأن السياسي‮ ‬البحريني،‮ ‬فقبيل انتخابات‮ ‬2010‮ ‬طالب أحد كبار المراجع الشيعية في‮ ‬العراق وهو آية الله إسحاق الفيّاض جمعية الوفاق في‮ ‬لقاء خاص أن‮ ‬يكون نشاطها‮ ''‬وطنياً‮ ‬وليس شيعياً‮''. ‬هذه النظرة التي‮ ‬أطلقها الفيّاض نظرة تؤكد ضرورة استمرار العلاقات التحالفية بين الوفاق وجمعية العمل الوطني‮ ‬الديمقراطي‮ (‬وعد‮)‬،‮ ‬بحيث تكون هذه التوجيهات الدينية ـ السياسية أساساً‮ ‬لاستمرار استغلال‮ (‬وعد‮) ‬حتى‮ ‬يظهر نشاط تيار ولاية الفقيه بأنه وطني‮ ‬وليس طائفياً‮. ‬ لم تقتصر المسألة على رؤية الفيّاض لوفد الوفاق عندما زاره في‮ ‬العراق،‮ ‬ولكن حتى رئيس الوزراء العراقي‮ ‬نوري‮ ‬المالكي‮ ‬الذي‮ ‬يمثل الحاكم السياسي‮ ‬لولاية الفقيه عندما التقى وفد الوفاق طالبها الاستفادة من تجربة بغداد باعتبار التحديات متشابهة في‮ ‬البلدين‮. ‬في‮ ‬ضوء ذلك تعززت العلاقات بين بغداد والمنامة بفضل جهود واشنطن لضرب سُنة البحرين،‮ ‬حتى أصبحت الوفاق تتلقى توجيهاتها من الخارج باعتبارها استشارات دينية ـ سياسية‮. ‬ غداً‮ ‬سنتحدث عن موقف حلف شمال الأطلسي‮ (‬الناتو‮) ‬من سُنة البحرين؟ ومدى جديته في‮ ‬حمايتهم من التهديدات الخارجية؟