Tuesday, July 19, 2011

واشنطن وسُنة البحرين‮.. ‬خوف الغول

يوسف البنخليل
صحيفة الوطن - العدد 1973 الجمعة 6 مايو 2011

ساعدت مبادرة الشراكة مع الشرق الأوسط التي‮ ‬أطلقها الرئيس الأمريكي‮ ‬السابق جورج بوش الابن على استفادة العديد من المؤسسات الأمريكية الناشطة في‮ ‬الشرق الأوسط،‮ ‬ومن هذه الجهات المعهد الوطني‮ ‬الديمقراطي‮ ‬للشؤون الدولية‮ (‬إن دي‮ ‬آي‮). ‬ عندما بدأ المعهد نشاطه في‮ ‬المنامة كان له حضور إعلامي‮ ‬وميداني‮ ‬قوي،‮ ‬ولم‮ ‬يكن عمل المعهد على مستوى واحد،‮ ‬حيث قدم مشاريع لتمكين المرأة سياسياً،‮ ‬إضافةً‮ ‬إلى تمكين الشباب سياسياً،‮ ‬ودعم مؤسسات المجتمع المدني،‮ ‬وحتى الجمعيات السياسية قدم لها عروضه لخدمتها داخل وخارج البحرين،‮ ‬وقد‮ ‬يذكر البعض في‮ ‬تلك الفترة كيف كانت الخلوات السياسية التي‮ ‬أقامها هذا المعهد في‮ ‬المغرب وغيرها‮.‬ في‮ ‬البداية كان هناك حماس محدود تجاه مشاريع المبادرة الأمريكية والدعم السخي‮ ‬الذي‮ ‬تقدمه،‮ ‬خصوصاً‮ ‬وأن الفترة التي‮ ‬دشنت فيها لم‮ ‬يكن هناك بديل محلي‮ ‬يقدم الدعم للجمعيات السياسية ومؤسسات المجتمع المدني‮ ‬بما‮ ‬يتوافق مع القائمين على مثل هذه المؤسسات‮. ‬ تحفظ سُنة البحرين على دخول المعهد الوطني‮ ‬الديمقراطي،‮ ‬وظهرت انقسامات كبيرة تجاه التعامل معه،‮ ‬فثمة رؤية كانت ترى أن هذا المعهد مشبوه،‮ ‬وأنه‮ ‬يحاول طرح الديمقراطية بالمفهوم الأمريكي،‮ ‬فضلاً‮ ‬عن ارتباطاته ببعض تنظيمات اللوبي‮ ‬الصهيوني‮ ‬في‮ ‬الولايات المتحدة كون وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة مادلين أولبرايت تتولى رئاسة مجلس إدارته‮. ‬أما الرأي‮ ‬الآخر فكان‮ ‬يرى إمكانية الاستفادة من بعض المشاريع دون التأثر بالأهداف الخفية التي‮ ‬يعمل المعهد على تحقيقها‮. ‬ الخطوة الذكية التي‮ ‬قامت بها واشنطن تجاه سُنة البحرين في‮ ‬تلك الفترة هي‮ ‬محاولة إبراز أنشطتها بأنها لا تستهدف فئة معينة أو طائفة معينة أو حتى تيار سياسي‮ ‬معيّن حتى لا‮ ‬يظهر نشاطه بأنه‮ ‬يخدم أجندة واضحة،‮ ‬ولذلك كان نشاطه عائماً‮. ‬ولكن المسألة لم تستغرق وقتاً‮ ‬طويلاً‮ ‬إذ سرعان ما شهد المعهد حالة أشبه بالمقاطعة من قبل الطائفة السُنية التي‮ ‬كانت تبدي‮ ‬توجساتها إزاء مبادرة الشراكة مع الشرق الأوسط،‮ ‬ونشاط‮ (‬إن دي‮ ‬آي‮). ‬طبعاً‮ ‬يمكن تقييم مثل هذه الخطوة بأنها لم تكن ناجحة إذ استفاد منها أنصار تيار ولاية الفقيه،‮ ‬في‮ ‬حين ظل السُنة في‮ ‬الهامش تماماً،‮ ‬وظهرت الخبرات الأمريكية في‮ ‬العمل السياسي‮ ‬لاحقاً‮ ‬بشكل كبير لدى المؤسسات الشيعية بمختلف تصنيفاتها‮. ‬ على الصعيد الرسمي‮ ‬كانت أنشطة‮ (‬إن دي‮ ‬آي‮) ‬تحت المراقبة الرسمية،‮ ‬وأدركت الحكومة مدى خطورة ترك المجال لهذا المعهد لتدريب كوادر الجمعيات السياسية المؤيدة لولاية الفقيه،‮ ‬فعملت على تضييق الخناق على هذا المعهد،‮ ‬خصوصاً‮ ‬وأن تواجده في‮ ‬المنامة لم‮ ‬يكن قانونياً،‮ ‬وهو ما استدعى بشكل فوري‮ ‬الطلب من مدير أنشطته في‮ ‬البحرين فوزي‮ ‬جوليد مغادرة المملكة وإيقاف أنشطته بشكل نهائي‮ ‬رغم المحاولات التي‮ ‬بذلت لاحقاً‮ ‬من قبل واشنطن وأنصار ولاية الفقيه في‮ ‬البحرين لإعادة نشاط المعهد،‮ ‬كما هو الحال بالنسبة لصحيفة الوسط التي‮ ‬قدمت دعماً‮ ‬إعلامياً‮ ‬كبيراً‮ ‬لأنشطته،‮ ‬فضلاً‮ ‬عن السفير الأمريكي‮ ‬في‮ ‬المنامة،‮ ‬والزيارات المتعاقبة التي‮ ‬قام بها كبار المسؤولين التنفيذيين في‮ ‬المعهد الأمريكي‮ ‬إلى البحرين‮. ‬ خلاصة مخرجات مشروع المبادرة الأمريكية للشراكة مع الشرق الأوسط أنها استطاعت تكوين مجموعة من الكوادر المدربة على العمل السياسي‮ ‬الاحترافي‮ ‬التي‮ ‬تعمل حالياً‮ ‬على تشويه سمعة البحرين بالندوات والمحاضرات والاتصالات مع وسائل الإعلام الدولية في‮ ‬الخارج‮. ‬خصوصاً‮ ‬وأن المشرف على نشاط المعارضة البحرينية في‮ ‬الولايات المتحدة الأمريكية هو فوزي‮ ‬جوليد الذي‮ ‬عمل على تدريب هذه الكوادر قبل مغادرته من المنامة،‮ ‬وإن لم‮ ‬يكن له حضور إعلامي‮ ‬بارز‮. ‬ غداً‮ ‬نتحدث عن كيفية تعامل واشنطن مع المعتقلين البحرينيين السُنة الذين اعتقلتهم في‮ ‬أفغانستان،‮ ‬وأسباب نقلهم إلى‮ ‬غوانتنامو وبقائهم هناك دون محاكمة وازدواجية المعايير تجاه سُنة البحرين‮.