يوسف البنخليل
صحيفة الوطن - العدد 1973 الجمعة 6 مايو 2011
صحيفة الوطن - العدد 1973 الجمعة 6 مايو 2011
ساعدت مبادرة الشراكة مع الشرق الأوسط التي أطلقها الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الابن على استفادة العديد من المؤسسات الأمريكية الناشطة في الشرق الأوسط، ومن هذه الجهات المعهد الوطني الديمقراطي للشؤون الدولية (إن دي آي). عندما بدأ المعهد نشاطه في المنامة كان له حضور إعلامي وميداني قوي، ولم يكن عمل المعهد على مستوى واحد، حيث قدم مشاريع لتمكين المرأة سياسياً، إضافةً إلى تمكين الشباب سياسياً، ودعم مؤسسات المجتمع المدني، وحتى الجمعيات السياسية قدم لها عروضه لخدمتها داخل وخارج البحرين، وقد يذكر البعض في تلك الفترة كيف كانت الخلوات السياسية التي أقامها هذا المعهد في المغرب وغيرها. في البداية كان هناك حماس محدود تجاه مشاريع المبادرة الأمريكية والدعم السخي الذي تقدمه، خصوصاً وأن الفترة التي دشنت فيها لم يكن هناك بديل محلي يقدم الدعم للجمعيات السياسية ومؤسسات المجتمع المدني بما يتوافق مع القائمين على مثل هذه المؤسسات. تحفظ سُنة البحرين على دخول المعهد الوطني الديمقراطي، وظهرت انقسامات كبيرة تجاه التعامل معه، فثمة رؤية كانت ترى أن هذا المعهد مشبوه، وأنه يحاول طرح الديمقراطية بالمفهوم الأمريكي، فضلاً عن ارتباطاته ببعض تنظيمات اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة كون وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة مادلين أولبرايت تتولى رئاسة مجلس إدارته. أما الرأي الآخر فكان يرى إمكانية الاستفادة من بعض المشاريع دون التأثر بالأهداف الخفية التي يعمل المعهد على تحقيقها. الخطوة الذكية التي قامت بها واشنطن تجاه سُنة البحرين في تلك الفترة هي محاولة إبراز أنشطتها بأنها لا تستهدف فئة معينة أو طائفة معينة أو حتى تيار سياسي معيّن حتى لا يظهر نشاطه بأنه يخدم أجندة واضحة، ولذلك كان نشاطه عائماً. ولكن المسألة لم تستغرق وقتاً طويلاً إذ سرعان ما شهد المعهد حالة أشبه بالمقاطعة من قبل الطائفة السُنية التي كانت تبدي توجساتها إزاء مبادرة الشراكة مع الشرق الأوسط، ونشاط (إن دي آي). طبعاً يمكن تقييم مثل هذه الخطوة بأنها لم تكن ناجحة إذ استفاد منها أنصار تيار ولاية الفقيه، في حين ظل السُنة في الهامش تماماً، وظهرت الخبرات الأمريكية في العمل السياسي لاحقاً بشكل كبير لدى المؤسسات الشيعية بمختلف تصنيفاتها. على الصعيد الرسمي كانت أنشطة (إن دي آي) تحت المراقبة الرسمية، وأدركت الحكومة مدى خطورة ترك المجال لهذا المعهد لتدريب كوادر الجمعيات السياسية المؤيدة لولاية الفقيه، فعملت على تضييق الخناق على هذا المعهد، خصوصاً وأن تواجده في المنامة لم يكن قانونياً، وهو ما استدعى بشكل فوري الطلب من مدير أنشطته في البحرين فوزي جوليد مغادرة المملكة وإيقاف أنشطته بشكل نهائي رغم المحاولات التي بذلت لاحقاً من قبل واشنطن وأنصار ولاية الفقيه في البحرين لإعادة نشاط المعهد، كما هو الحال بالنسبة لصحيفة الوسط التي قدمت دعماً إعلامياً كبيراً لأنشطته، فضلاً عن السفير الأمريكي في المنامة، والزيارات المتعاقبة التي قام بها كبار المسؤولين التنفيذيين في المعهد الأمريكي إلى البحرين. خلاصة مخرجات مشروع المبادرة الأمريكية للشراكة مع الشرق الأوسط أنها استطاعت تكوين مجموعة من الكوادر المدربة على العمل السياسي الاحترافي التي تعمل حالياً على تشويه سمعة البحرين بالندوات والمحاضرات والاتصالات مع وسائل الإعلام الدولية في الخارج. خصوصاً وأن المشرف على نشاط المعارضة البحرينية في الولايات المتحدة الأمريكية هو فوزي جوليد الذي عمل على تدريب هذه الكوادر قبل مغادرته من المنامة، وإن لم يكن له حضور إعلامي بارز. غداً نتحدث عن كيفية تعامل واشنطن مع المعتقلين البحرينيين السُنة الذين اعتقلتهم في أفغانستان، وأسباب نقلهم إلى غوانتنامو وبقائهم هناك دون محاكمة وازدواجية المعايير تجاه سُنة البحرين.