يوسف البنخليل
صحيفة الوطن - العدد 1960 السبت 23 أبريل 2011
صحيفة الوطن - العدد 1960 السبت 23 أبريل 2011
قبل أكثر من عشر سنوات كنا نلبي دعوات السفير الأمريكي في المنامة للولائم، والمناسبات العامة والخاصة، وهي دعوات كان السفير يحرص كثيراً على توجيهها لمعظم الكتاب والإعلاميين بهدف تعزيز الفهم المتبادل بين واشنطن وهؤلاء بدلاً من تركها للتأويل والافتراضات التي لا تنتهي. وطوال هذه المناسبات كانت أسئلة كثيرة تطرح، بعضها يتعلق بالشخصيات التي يحرص السفير على توجيهها، وبعضها يتعلق بالهدف من هذه الفعاليات والمناسبات التي تستمر طوال العام، حتى إن غاب السفير فإن القائم بأعماله يقوم بهذه المهمة. الشخصيات في مثل هذه المناسبات لا تقتصر على الإعلاميين، أو الكتّاب، ولكنها تشمل عدداً كبيراً من التجار ورجال الدين، والساسة والبرلمانيين، والمسؤولين الحكوميين. بعد الأحداث الأخيرة من المهم التعرف على الأدوار التي كان يقوم بها أصحاب العلاقات القوية مع السفارة الأمريكية في المنامة، وأعتقد أن وثائق ويكيليكس تكشف كثيراً من هذه الحقائق والمعطيات التي رسمت أبعاداً جديدة في السياسة الخارجية الأمريكية تجاه البحرين. مثل هذه الوثائق بيّنت أن واشنطن كانت تعتمد بشكل رئيس على الجهود التي يقوم بها السفير الأمريكي في المنامة لمعرفة آراء ووجهات نظر مختلف الفعاليات البحرينية تجاه الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية. الوثائق بيّنت أن هناك اعتماداً رئيساً على مجموعة محدودة جداً من الشخصيات لها نفوذها السياسي والاقتصادي المؤثر في المجتمع البحريني، فأحدهم شخصية إعلامية، والآخر من أبرز التجار، والثالث مسؤول حكومي رفيع المستوى. وهؤلاء كانوا يقدمون باستمرار في لقاءاتهم مع السفير الأمريكي وجهات نظر ليست مناهضة للخط العام للسياسة الحكومية، وإنما وجهات نظر مناهضة للدولة، ولمكوناتها المختلفة. بالإمكان الإطلاق على هذه الشخصيات الثالوث البحريني المؤثر في السياسة الأمريكية تجاه البحرين، وبحكم علاقاتهم مع سفير الإدارة الأمريكية في المنامة استطاعوا تكوين وجهات نظر استطاعت ببراعة التأثير في الموقف الأمريكي تجاه الأوضاع الداخلية حتى قامت واشنطن بتحالف سري بينها وبين تيار ولاية الفقيه. ولعب هذا التحالف دوراً كبيراً في الحراك السياسي داخل البحرين، فعلى سبيل المثال كانت واشنطن تنظر بحرص واهتمام إلى موقف هذا التيار المناهض للتجنيس، لأن هذا الثالوث استطاع إقناع السفير الأمريكي بأن أكبر خطر على الطائفة الشيعية في البحرين هو عمليات التجنيس التي كانت تتم ضد ما اعتبر حينها بأنه ضد ''الطائفة وتكوينها وهويتها التاريخية''. الآن هذا الثالوث تعرّض لضربة كبيرة، ولكننا مازلنا لا نعرف ما إذا كان السفير الأمريكي سيعتمد مرة أخرى على هذا التحالف السري ويستقي وجهات نظره الرسمية تجاه الأوضاع بعد الاستماع من أذن واحدة لشخصيات تمثل تيار ولاية الفقيه في المنامة؟