Tuesday, July 19, 2011

أصدقاء واشنطن في‮ ‬المنامة

يوسف البنخليل
صحيفة الوطن - العدد 1960 السبت 23 أبريل 2011

   قبل أكثر من عشر سنوات كنا نلبي‮ ‬دعوات السفير الأمريكي‮ ‬في‮ ‬المنامة للولائم،‮ ‬والمناسبات العامة والخاصة،‮ ‬وهي‮ ‬دعوات كان السفير‮ ‬يحرص كثيراً‮ ‬على توجيهها لمعظم الكتاب والإعلاميين بهدف تعزيز الفهم المتبادل بين واشنطن وهؤلاء بدلاً‮ ‬من تركها للتأويل والافتراضات التي‮ ‬لا تنتهي‮. ‬ وطوال هذه المناسبات كانت أسئلة كثيرة تطرح،‮ ‬بعضها‮ ‬يتعلق بالشخصيات التي‮ ‬يحرص السفير على توجيهها،‮ ‬وبعضها‮ ‬يتعلق بالهدف من هذه الفعاليات والمناسبات التي‮ ‬تستمر طوال العام،‮ ‬حتى إن‮ ‬غاب السفير فإن القائم بأعماله‮ ‬يقوم بهذه المهمة‮. ‬ الشخصيات في‮ ‬مثل هذه المناسبات لا تقتصر على الإعلاميين،‮ ‬أو الكتّاب،‮ ‬ولكنها تشمل عدداً‮ ‬كبيراً‮ ‬من التجار ورجال الدين،‮ ‬والساسة والبرلمانيين،‮ ‬والمسؤولين الحكوميين‮. ‬بعد الأحداث الأخيرة من المهم التعرف على الأدوار التي‮ ‬كان‮ ‬يقوم بها أصحاب العلاقات القوية مع السفارة الأمريكية في‮ ‬المنامة،‮ ‬وأعتقد أن وثائق ويكيليكس تكشف كثيراً‮ ‬من هذه الحقائق والمعطيات التي‮ ‬رسمت أبعاداً‮ ‬جديدة في‮ ‬السياسة الخارجية الأمريكية تجاه البحرين‮. ‬مثل هذه الوثائق بيّنت أن واشنطن كانت تعتمد بشكل رئيس على الجهود التي‮ ‬يقوم بها السفير الأمريكي‮ ‬في‮ ‬المنامة لمعرفة آراء ووجهات نظر مختلف الفعاليات البحرينية تجاه الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية‮. ‬الوثائق بيّنت أن هناك اعتماداً‮ ‬رئيساً‮ ‬على مجموعة محدودة جداً‮ ‬من الشخصيات لها نفوذها السياسي‮ ‬والاقتصادي‮ ‬المؤثر في‮ ‬المجتمع البحريني،‮ ‬فأحدهم شخصية إعلامية،‮ ‬والآخر من أبرز التجار،‮ ‬والثالث مسؤول حكومي‮ ‬رفيع المستوى‮. ‬وهؤلاء كانوا‮ ‬يقدمون باستمرار في‮ ‬لقاءاتهم مع السفير الأمريكي‮ ‬وجهات نظر ليست مناهضة للخط العام للسياسة الحكومية،‮ ‬وإنما وجهات نظر مناهضة للدولة،‮ ‬ولمكوناتها المختلفة‮. ‬ بالإمكان الإطلاق على هذه الشخصيات الثالوث البحريني‮ ‬المؤثر في‮ ‬السياسة الأمريكية تجاه البحرين،‮ ‬وبحكم علاقاتهم مع سفير الإدارة الأمريكية في‮ ‬المنامة استطاعوا تكوين وجهات نظر استطاعت ببراعة التأثير في‮ ‬الموقف الأمريكي‮ ‬تجاه الأوضاع الداخلية حتى قامت واشنطن بتحالف سري‮ ‬بينها وبين تيار ولاية الفقيه‮. ‬ولعب هذا التحالف دوراً‮ ‬كبيراً‮ ‬في‮ ‬الحراك السياسي‮ ‬داخل البحرين،‮ ‬فعلى سبيل المثال كانت واشنطن تنظر بحرص واهتمام إلى موقف هذا التيار المناهض للتجنيس،‮ ‬لأن هذا الثالوث استطاع إقناع السفير الأمريكي‮ ‬بأن أكبر خطر على الطائفة الشيعية في‮ ‬البحرين هو عمليات التجنيس التي‮ ‬كانت تتم ضد ما اعتبر حينها بأنه ضد‮ ''‬الطائفة وتكوينها وهويتها التاريخية‮''.‬ الآن هذا الثالوث تعرّض لضربة كبيرة،‮ ‬ولكننا مازلنا لا نعرف ما إذا كان السفير الأمريكي‮ ‬سيعتمد مرة أخرى على هذا التحالف السري‮ ‬ويستقي‮ ‬وجهات نظره الرسمية تجاه الأوضاع بعد الاستماع من أذن واحدة لشخصيات تمثل تيار ولاية الفقيه في‮ ‬المنامة؟