يوسف البنخليل
صحيفة الوطن - العدد 1971 الأربعاء 4 مايو 2011
صحيفة الوطن - العدد 1971 الأربعاء 4 مايو 2011
حين نتحدث عن صمت الناتو تجاه تطورات الأوضاع في البحرين، فإننا نتحدث عن قبوله التدخل الإيراني، وقبوله المؤامرة الإيرانية لتكوين دولة شيعية بالقرب من الساحل الغربي لمياه الخليج العربي. ولكن هل يعني هذا الصمت القبول بالاحتلال الإيراني للبحرين وبعض الأجزاء الغربية من الخليج؟ من وجهة نظري فإن الإجابة هي نعم، فعدم تحركه طوال الفترة الماضية يعكس رغبة الحكومات الغربية المتحالفة في الناتو ومن ضمنها الولايات المتحدة الأمريكية في تشكيل حلفاء جدد هم أنصار ولاية الفقيه. الناتو يسعى بالدرجة الأولى إلى حماية المصالح الاستراتيجية للحكومات الغربية، ولذلك فإن مصالح هذه الحكومات تقوم على استمرار تدفق النفط بأسعار مقبولة وبالكميات المطلوبة، إضافةً إلى ضمان أمن إسرائيل. وبحسب النظرة الغربية التي سادت منذ بداية السبعينات كانت هناك حاجة ماسة لإحداث تغييرات جذرية في دول المنطقة على المدى الطويل، وما يجري اليوم هو حصاد لتلك النظرة القاصرة استراتيجياً. من هنا فإن خيارات الناتو لحماية هذه المصالح الاستراتيجية كانت محدودة للغاية، فهذه الخيارات لا تتجاوز الثلاثة أطراف، وهي: تركيا وإيران والعراق. والتحليل يشير إلى أن التحالف مع تركيا قائم، ولكن من الصعوبة استغلال الحكومة التركية لمواجهة حكومات دول مجلس التعاون الخليجي بسبب التقارب المذهبي، فضلاً عن الإرث العثماني التاريخي الذي تمثله تركيا كدولة دافعت عن الطائفة السنية على مدى قرون وواجهت الدولة الصفوية. أما بالنسبة لإيران فإنه لا يمكن الاستناد عليها بشكل علني لاعتبارات عديدة، أهمها حالة القطيعة المعلنة بين واشنطن وطهران. كما إنها تمثل في نفس الوقت الحليف الجديد الذي ينبغي توثيق الصلة به مستقبلاً. وفيما يتعلق بالعراق فإن الخيار يعد محدوداً، إذ لا يمكن التعويل على هذه الدولة التي مازالت في مرحلة البناء الأولي بعد انهيارها إثر الغزو الأمريكي لبغداد. نأتي إلى السيناريو الذي تم، فمسارات ضرب السُنة كانت متعددة باعتبارهم الحلفاء القدامى والحلفاء التقليديين، ومن المهم خلق المناخ الملائم لبروز الحلفاء الجدد وهم مؤيدو ولاية الفقيه من أبناء الطائفة الشيعية، فكانت المسارات التالية: المسار الأول: غزو العراق وتصفية القوى السياسية السنية هناك، وإحلالها بقوى أخرى مناصرة لولاية الفقيه. المسار الثاني: غزو أفغانستان وتشكيل عمق إستراتيجي لإيران بسبب التقارب المذهبي بين كابل وطهران. المسار الثالث: تهيئة المناخ الملائم لإحداث ثورة (شعبية في المنامة تكون مدخلاً لإسقاط الحكم، وتغيير الحكم من آل خليفة إلى حكم ولاية الفقيه الشيعي المرتبط بطهران. طبعاً هناك مسارات أخرى تعقب هذه المرحلة، وتشمل الوصول إلى الأراضي السعودية، وبعدها تكوين عمق إستراتيجي لإسرائيل بشكل تدريجي. وكلها تعكس حجم الهوس الغربي باستحداث حلفاء جدد، وضرب حلفائهم التقليديين من الطائفة السنية والعوائل السنية المالكة. غداً نتحدث عن مبادرة (مي بي الأمريكية ودورها في تقوية النفوذ الشيعي مقابل النفوذ السني المتراجع، وكيف ساهمت هذه المبادرة في تقوية الجمعيات التي سعت لإقامة الجمهورية الإسلامية في البحرين؟