Tuesday, July 19, 2011

واشنطن وسُنة البحرين‮.. ‬إدارة النجف

يوسف البنخليل
صحيفة الوطن - العدد 1968 الأحد 1 مايو 2011

عندما تُنتقد الوفاق لارتباطاتها الخارجية السياسية والدينية،‮ ‬كانت دائماً‮ ‬ما تنفي‮ ‬ذلك وتؤكد أصالة انتمائها للدولة البحرينية‮. ‬ولكن مثل هذه الارتباطات‮ ‬غالباً‮ ‬ما تكون موثقة،‮ ‬وطبعاً‮ ‬يتم إنكارها من الوفاقيين‮. ‬ أبناء الطائفة السنية في‮ ‬البحرين كانوا‮ ‬ينظرون دائماً‮ ‬إلى أن الوفاق لديها ارتباطات في‮ ‬الخارج سواء مع إيران أو العراق أو سوريا ولبنان‮. ‬ولكنهم لم‮ ‬يدركوا كيف كانت تدار الوفاق بطريقة آلية من الخارج بما‮ ‬يضر بمصالحهم كطائفة؟‮ ‬الوفاق قاطعت الانتخابات التشريعية منذ العام‮ ‬‭,‬2002‮ ‬ولكنها قامت بتغيير موقفها عام‮ ‬2006‮ ‬بعد تدخل قوي‮ ‬من السفارة الأمريكية في‮ ‬المنامة حسب ما أكدته وزارة الخارجية الأمريكية في‮ ‬إحدى تقاريرها‮. ‬وسبب هذا التدخل الهام أن واشنطن كانت تدرك أن استمرار مقاطعة الوفاق للانتخابات التشريعية سيؤدي‮ ‬إلى مزيد من تهميشها،‮ ‬وإبعاد أنصارها،‮ ‬وعدم تحقيقهم لمزيد من المكتسبات،‮ ‬والأهم من ذلك هو تراجع نفوذهم السياسي‮ ‬الذي‮ ‬كانت واشنطن تخطط لزيادته بعد المؤشرات التي‮ ‬ظهرت بنجاح فكرة الهلال الشيعي‮ ‬الخصيب،‮ ‬ومشروع إقامة الدولة الشيعية في‮ ‬الخليج‮. ‬في‮ ‬الوقت نفسه كانت واشنطن ترى أن دخول التيارات الشيعية المختلفة في‮ ‬العملية السياسية لن‮ ‬يكون مجدياً،‮ ‬ولن‮ ‬يحقق نتائج كبيرة،‮ ‬حيث ستكون كافة القوى تحت مظلة الدولة،‮ ‬وبالتالي‮ ‬لا توجد قوة ضغط داخلية قوية قادرة على ممارسة أشكال الضغوط المختلفة‮. ‬ولذلك لا توجد تصريحات كثيرة ومعلنة من السفير الأمريكي‮ ‬في‮ ‬المنامة،‮ ‬أو حتى من الإدارة الأمريكية في‮ ‬واشنطن تجاه حركة حق وتيار الوفاء الإسلامي‮ ‬وحركة خلاص،‮ ‬وهي‮ ‬جميعها تنظيمات سياسية خارجة عن القانون وغير مرخصة‮. ‬شاركت الوفاق في‮ ‬انتخابات‮ ‬‭,‬2006‮ ‬وحازت على أغلبية برلمانية،‮ ‬ولكن بسبب محدودية خبرتها السياسية،‮ ‬فإنها لم تحقق إنجازات فعلية لصالحها،‮ ‬أو حتى لصالح أنصارها،‮ ‬بل إن شعبيتها لدى أنصارها بدأت بالتراجع على مدى الفترة من‮ ‬2006‮ ‬ـ‮ ‬‭.‬2010‮ ‬في‮ ‬هذه الفترة كان الجدل محتدماً‮ ‬لدى الطائفة السنية حول أحقية تمثيل الطائفة سياسياً،‮ ‬ودخلت في‮ ‬جدلية‮ (الإسلاميون أم المستقلون؟‮). ‬ ومع قرب انتخابات‮ ‬2010‮ ‬لجأت الوفاق من جديد إلى العراق للتشاور حول جدوى مشاركتها السياسية‮. ‬ففي‮ ‬سبتمبر‮ ‬2009‮ ‬قام أمين عام الوفاق علي‮ ‬سلمان برئاسة وفد للجمعية لزيارة المرجع السيستاني‮ ‬في‮ ‬النجف بحضور ابن السيستاني‮ ‬محمد رضا،‮ ‬وأبلغ‮ ‬السيستاني‮ ‬نواب الوفاق‮ ''‬أن المشاركة السياسية‮ ‬ينبغي‮ ‬أن تكون هي‮ ‬القاعدة،‮ ‬شريطة أن‮ ‬يتفق الزعماء الدينيون وغالبية الطائفة على أن الجو صحيح‮''.‬ ودار جدل داخل الوفاق حول جدوى احتواء حركة‮ (‬حق‮)‬،‮ ‬وتيار‮ (‬الوفاء‮) ‬اللذين أعلنا مقاطعة الانتخابات‮. ‬فهناك من كان‮ ‬يرى أهمية توحد الطائفة الشيعية لمواجهة النفوذ السني‮ ‬والدخول بقوة في‮ ‬الانتخابات،‮ ‬وهناك من كان‮ ‬يرى الاستمرار في‮ ‬أسلوب‮ (‬المشاركة من الداخل والمعارضة من الخارج‮). ‬أهمية تلك الفترة أنها جاءت بعد‮ ‬9‮ ‬شهور فقط من إعلان الوفاق رسمياً‮ ‬رغبتها في‮ ‬تولي‮ ‬السلطة في‮ ‬البحرين لأول مرة تاريخياً،‮ ‬وهي‮ ‬فترة كان من المهم فيها أن‮ ‬يتم الالتزام بأقصى درجات التنسيق مع القوى السياسية الشيعية لضمان السيطرة على النفوذ السياسي،‮ ‬وما‮ ‬يتبعه من الاستيلاء على الحكم بمطالب تتراوح بين‮ (‬الإصلاح السياسي‮ ‬إلى إسقاط النظام‮). ‬لكن اللافت في‮ ‬المسألة هو التأثير الكبير الذي‮ ‬أصبحت تقوم به النجف في‮ ‬السياسة البحرينية،‮ ‬فبعد أن كانت قم هي‮ ‬اللاعب الأساسي‮ ‬في‮ ‬الحراك السياسي‮ ‬الشيعي،‮ ‬تغيّرت المعادلة وأصبح التنسيق‮ ‬يتم من خلال المرجعية في‮ ‬النجف‮. ‬وهو ما‮ ‬يعكس إمكانية الاستفادة من التجربة العراقية في‮ ‬كيفية استيلاء تيار ولاية الفقيه على الحكم وتطبيق هذه الممارسات في‮ ‬البحرين‮. ‬ غداً‮ ‬سنكشف تدخل المرجع آية الله الفيّاض وتأثير هذا التدخل في‮ ‬تقوية علاقات الوفاق ـ‮ (‬وعد‮) ‬ضد سُنة البحرين؟‮ ‬