يوسف البنخليل
صحيفة الوطن - العدد 1968 الأحد 1 مايو 2011
صحيفة الوطن - العدد 1968 الأحد 1 مايو 2011
عندما تُنتقد الوفاق لارتباطاتها الخارجية السياسية والدينية، كانت دائماً ما تنفي ذلك وتؤكد أصالة انتمائها للدولة البحرينية. ولكن مثل هذه الارتباطات غالباً ما تكون موثقة، وطبعاً يتم إنكارها من الوفاقيين. أبناء الطائفة السنية في البحرين كانوا ينظرون دائماً إلى أن الوفاق لديها ارتباطات في الخارج سواء مع إيران أو العراق أو سوريا ولبنان. ولكنهم لم يدركوا كيف كانت تدار الوفاق بطريقة آلية من الخارج بما يضر بمصالحهم كطائفة؟ الوفاق قاطعت الانتخابات التشريعية منذ العام ,2002 ولكنها قامت بتغيير موقفها عام 2006 بعد تدخل قوي من السفارة الأمريكية في المنامة حسب ما أكدته وزارة الخارجية الأمريكية في إحدى تقاريرها. وسبب هذا التدخل الهام أن واشنطن كانت تدرك أن استمرار مقاطعة الوفاق للانتخابات التشريعية سيؤدي إلى مزيد من تهميشها، وإبعاد أنصارها، وعدم تحقيقهم لمزيد من المكتسبات، والأهم من ذلك هو تراجع نفوذهم السياسي الذي كانت واشنطن تخطط لزيادته بعد المؤشرات التي ظهرت بنجاح فكرة الهلال الشيعي الخصيب، ومشروع إقامة الدولة الشيعية في الخليج. في الوقت نفسه كانت واشنطن ترى أن دخول التيارات الشيعية المختلفة في العملية السياسية لن يكون مجدياً، ولن يحقق نتائج كبيرة، حيث ستكون كافة القوى تحت مظلة الدولة، وبالتالي لا توجد قوة ضغط داخلية قوية قادرة على ممارسة أشكال الضغوط المختلفة. ولذلك لا توجد تصريحات كثيرة ومعلنة من السفير الأمريكي في المنامة، أو حتى من الإدارة الأمريكية في واشنطن تجاه حركة حق وتيار الوفاء الإسلامي وحركة خلاص، وهي جميعها تنظيمات سياسية خارجة عن القانون وغير مرخصة. شاركت الوفاق في انتخابات ,2006 وحازت على أغلبية برلمانية، ولكن بسبب محدودية خبرتها السياسية، فإنها لم تحقق إنجازات فعلية لصالحها، أو حتى لصالح أنصارها، بل إن شعبيتها لدى أنصارها بدأت بالتراجع على مدى الفترة من 2006 ـ .2010 في هذه الفترة كان الجدل محتدماً لدى الطائفة السنية حول أحقية تمثيل الطائفة سياسياً، ودخلت في جدلية (الإسلاميون أم المستقلون؟). ومع قرب انتخابات 2010 لجأت الوفاق من جديد إلى العراق للتشاور حول جدوى مشاركتها السياسية. ففي سبتمبر 2009 قام أمين عام الوفاق علي سلمان برئاسة وفد للجمعية لزيارة المرجع السيستاني في النجف بحضور ابن السيستاني محمد رضا، وأبلغ السيستاني نواب الوفاق ''أن المشاركة السياسية ينبغي أن تكون هي القاعدة، شريطة أن يتفق الزعماء الدينيون وغالبية الطائفة على أن الجو صحيح''. ودار جدل داخل الوفاق حول جدوى احتواء حركة (حق)، وتيار (الوفاء) اللذين أعلنا مقاطعة الانتخابات. فهناك من كان يرى أهمية توحد الطائفة الشيعية لمواجهة النفوذ السني والدخول بقوة في الانتخابات، وهناك من كان يرى الاستمرار في أسلوب (المشاركة من الداخل والمعارضة من الخارج). أهمية تلك الفترة أنها جاءت بعد 9 شهور فقط من إعلان الوفاق رسمياً رغبتها في تولي السلطة في البحرين لأول مرة تاريخياً، وهي فترة كان من المهم فيها أن يتم الالتزام بأقصى درجات التنسيق مع القوى السياسية الشيعية لضمان السيطرة على النفوذ السياسي، وما يتبعه من الاستيلاء على الحكم بمطالب تتراوح بين (الإصلاح السياسي إلى إسقاط النظام). لكن اللافت في المسألة هو التأثير الكبير الذي أصبحت تقوم به النجف في السياسة البحرينية، فبعد أن كانت قم هي اللاعب الأساسي في الحراك السياسي الشيعي، تغيّرت المعادلة وأصبح التنسيق يتم من خلال المرجعية في النجف. وهو ما يعكس إمكانية الاستفادة من التجربة العراقية في كيفية استيلاء تيار ولاية الفقيه على الحكم وتطبيق هذه الممارسات في البحرين. غداً سنكشف تدخل المرجع آية الله الفيّاض وتأثير هذا التدخل في تقوية علاقات الوفاق ـ (وعد) ضد سُنة البحرين؟