يوسف البنخليل
صحيفة الوطن - العدد 1966 الجمعة 29 أبريل 2011
صحيفة الوطن - العدد 1966 الجمعة 29 أبريل 2011
ماذا فعل غزو العراق بالبحرين وبالطائفة السنية هنا؟ باختصار تحول العراق إلى مختبر ميداني لتيار ولاية الفقيه (حزب الدعوة) لتجربة قدرته على استئصال الطائفة السنية تحديداً، وضمان سيطرة أنصار ولاية الفقيه على الحكم، هذه هي الرؤية العراقية للمسألة. أما الرؤية الأمريكية فإنها تنظر إلى أن سقوط بغداد هو بداية الربط بين شيعة العراق وإيران من جهة، واستحداث بؤرة جديدة للقوى السياسية الشيعية لاختراق دول مجلس التعاون الخليجي، وطبعاً الدولة الأكثر ترشيحاً لأن تكون فيها هذه البؤرة البحرين بلا منافسة. بحرينياً، بسقوط العراق فقد سُنة البحرين مركز الثقل العراقي الذي كان يمثله لسُنة الخليج، وضاع طرف أساسي في معادلة القوى الطائفية، فأصبحت دول مجلس التعاون الخليج والطائفة السنية فيها تفتقد مركز الثقل العراقي بعد أن انقلبت المعادلة، وصارت من طرفين (دول مجلس التعاون والعراق من جهة، وإيران من جهة أخرى)، إلى طرفين بشكل مختلف (دول مجلس التعاون من جهة، والعراق وإيران من جهة أخرى). بهذه التطورات الجديدة صارت الظروف مواتية لربط شيعة البحرين بشيعة العراق، وبشكل آخر إقامة تحالف جديد بين أنصار ولاية الفقيه في المنامة وبغداد والنجف، فأصبحت امتدادات النفوذ السياسي الذي قامت واشنطن وطهران بإقامته تمتد من قم في إيران مروراً بالنجف وكربلاء في العراق وصولاً إلى البحرين، وهو هلال شيعي خصيب تحكم في تفاعلات الأوضاع السياسية في المنامة منذ العام 2003 وحتى اليوم. هذا الهلال الشيعي الخصيب لم تكن الفكرة منه دعم الشيعة العرب، وزيادة نفوذهم السياسي، بل كان الهدف الرئيس منه هو زيادة نفوذ ولاية الفقيه المدعوم إيرانياً في المنطقة. من المفارقات الغريبة أن امتدادات هذا الهلال تركزت في المحرق التي أصبحت مركزاً لهذا الهلال دون بقية مناطق المملكة رغم محدودية الطائفة الشيعية فيها، ووجود أغلبية سنية فيها! فكيف كانت الخطوات؟ بدأت هذه الخطوات بتعيين آية الله الشيخ حسين نجاتي ممثلاً للشيخ السيستاني المرجع الشيعي الأبرز في العراق، وفجأة أصبح ممثل السيستاني في البحرين ومكتبه في المحرق تطوقه أغلبية سُنية. وقد تكون هذه الخطوة غريبة، ولكن لها دلالاتها الرمزية، ففي العراق عادة ما يقيم المراجع في مناطق حولها يقيم أبناء الطائفة السنية من الناحية الجغرافية. والفكرة من هذا التناقض الفكري - الجغرافي هو ضمان وجود تحد مستمر حول المرجع مما يشكل له دافعاً لمواجهته باستمرار من خلال الأنشطة التي يقوم بها. إضافةً إلى ذلك، ولضمان زيادة النفوذ الديني للمرجع السيستاني في البحرين لمواجهة الحكم السني، كان السيستاني يقدم دعماً سنوياً للحوزة العلمية في المحرق التي تدار من قبل مكتب الشيخ النجاتي بمبلغ يفوق 100 ألف دولار سنوياً. كما تميّز السيستاني باتصالاته الدائمة والمستمرة مع واشنطن عبر لقاءاته مع السفراء الأمريكيين في المنامة. بالمقابل كانت ردود الأفعال الطائفة السنية في البحرين على هذه التطورات لا تتعدى المتابعة وإبداء المخاوف والقلق، وإن وصلت في أوقات كثيرة إلى حد الكشف عن هذا القلق بشكل معلن للمسؤولين في الحكومة، ولبعض القيادات الدينية السنية في الداخل والخارج. وبهذه الطريقة والدعم الأمريكي أصبح للسيستاني نفوذ دائم في البحرين من المحرق، وهي خطوة تعد بحد ذاتها ضربة قوية لسُنة البحرين. ولكن ما هي نظرة السيستاني للأوضاع السياسية في المنامة؟ وما طبيعة اللقاءات التي كانت تتم بين ممثله والسفير الأمريكي لبحث الموقف تجاه سُنة البحرين؟ هذا ما سنتحدث عنه غداً