Tuesday, July 19, 2011

واشنطن وسُنة البحرين‮.. ‬لعبـــــــــــة السيستـــــانـــي

يوسف البنخليل
صحيفة الوطن - العدد 1966 الجمعة 29 أبريل 2011

   ماذا فعل‮ ‬غزو العراق بالبحرين وبالطائفة السنية هنا؟ باختصار تحول العراق إلى مختبر ميداني‮ ‬لتيار ولاية الفقيه‮ (‬حزب الدعوة‮) ‬لتجربة قدرته على استئصال الطائفة السنية تحديداً،‮ ‬وضمان سيطرة أنصار ولاية الفقيه على الحكم،‮ ‬هذه هي‮ ‬الرؤية العراقية للمسألة‮. ‬أما الرؤية الأمريكية فإنها تنظر إلى أن سقوط بغداد هو بداية الربط بين شيعة العراق وإيران من جهة،‮ ‬واستحداث بؤرة جديدة للقوى السياسية الشيعية لاختراق دول مجلس التعاون الخليجي،‮ ‬وطبعاً‮ ‬الدولة الأكثر ترشيحاً‮ ‬لأن تكون فيها هذه البؤرة البحرين بلا منافسة‮. ‬ بحرينياً،‮ ‬بسقوط العراق فقد سُنة البحرين مركز الثقل العراقي‮ ‬الذي‮ ‬كان‮ ‬يمثله لسُنة الخليج،‮ ‬وضاع طرف أساسي‮ ‬في‮ ‬معادلة القوى الطائفية،‮ ‬فأصبحت دول مجلس التعاون الخليج والطائفة السنية فيها تفتقد مركز الثقل العراقي‮ ‬بعد أن انقلبت المعادلة،‮ ‬وصارت من طرفين‮ (‬دول مجلس التعاون والعراق من جهة،‮ ‬وإيران من جهة أخرى‮)‬،‮ ‬إلى طرفين بشكل مختلف‮ (‬دول مجلس التعاون من جهة،‮ ‬والعراق وإيران من جهة أخرى‮).‬ بهذه التطورات الجديدة صارت الظروف مواتية لربط شيعة البحرين بشيعة العراق،‮ ‬وبشكل آخر إقامة تحالف جديد بين أنصار ولاية الفقيه في‮ ‬المنامة وبغداد والنجف،‮ ‬فأصبحت امتدادات النفوذ السياسي‮ ‬الذي‮ ‬قامت واشنطن وطهران بإقامته تمتد من قم في‮ ‬إيران مروراً‮ ‬بالنجف وكربلاء في‮ ‬العراق وصولاً‮ ‬إلى البحرين،‮ ‬وهو هلال شيعي‮ ‬خصيب تحكم في‮ ‬تفاعلات الأوضاع السياسية في‮ ‬المنامة منذ العام‮ ‬2003‮ ‬وحتى اليوم‮.‬ هذا الهلال الشيعي‮ ‬الخصيب لم تكن الفكرة منه دعم الشيعة العرب،‮ ‬وزيادة نفوذهم السياسي،‮ ‬بل كان الهدف الرئيس منه هو زيادة نفوذ ولاية الفقيه المدعوم إيرانياً‮ ‬في‮ ‬المنطقة‮. ‬ من المفارقات الغريبة أن امتدادات هذا الهلال تركزت في‮ ‬المحرق التي‮ ‬أصبحت مركزاً‮ ‬لهذا الهلال دون بقية مناطق المملكة رغم محدودية الطائفة الشيعية فيها،‮ ‬ووجود أغلبية سنية فيها‮! ‬فكيف كانت الخطوات؟ بدأت هذه الخطوات بتعيين آية الله الشيخ حسين نجاتي‮ ‬ممثلاً‮ ‬للشيخ السيستاني‮ ‬المرجع الشيعي‮ ‬الأبرز في‮ ‬العراق،‮ ‬وفجأة أصبح ممثل السيستاني‮ ‬في‮ ‬البحرين ومكتبه في‮ ‬المحرق تطوقه أغلبية سُنية‮. ‬وقد تكون هذه الخطوة‮ ‬غريبة،‮ ‬ولكن لها دلالاتها الرمزية،‮ ‬ففي‮ ‬العراق عادة ما‮ ‬يقيم المراجع في‮ ‬مناطق حولها‮ ‬يقيم أبناء الطائفة السنية من الناحية الجغرافية‮. ‬والفكرة من هذا التناقض الفكري‮ - ‬الجغرافي‮ ‬هو ضمان وجود تحد مستمر حول المرجع مما‮ ‬يشكل له دافعاً‮ ‬لمواجهته باستمرار من خلال الأنشطة التي‮ ‬يقوم بها‮.‬ إضافةً‮ ‬إلى ذلك،‮ ‬ولضمان زيادة النفوذ الديني‮ ‬للمرجع السيستاني‮ ‬في‮ ‬البحرين لمواجهة الحكم السني،‮ ‬كان السيستاني‮ ‬يقدم دعماً‮ ‬سنوياً‮ ‬للحوزة العلمية في‮ ‬المحرق التي‮ ‬تدار من قبل مكتب الشيخ النجاتي‮ ‬بمبلغ‮ ‬يفوق‮ ‬100‮ ‬ألف دولار سنوياً‮. ‬كما تميّز السيستاني‮ ‬باتصالاته الدائمة والمستمرة مع واشنطن عبر لقاءاته مع السفراء الأمريكيين في‮ ‬المنامة‮. ‬بالمقابل كانت ردود الأفعال الطائفة السنية في‮ ‬البحرين على هذه التطورات لا تتعدى المتابعة وإبداء المخاوف والقلق،‮ ‬وإن وصلت في‮ ‬أوقات كثيرة إلى حد الكشف عن هذا القلق بشكل معلن للمسؤولين في‮ ‬الحكومة،‮ ‬ولبعض القيادات الدينية السنية في‮ ‬الداخل والخارج‮. ‬ وبهذه الطريقة والدعم الأمريكي‮ ‬أصبح للسيستاني‮ ‬نفوذ دائم في‮ ‬البحرين من المحرق،‮ ‬وهي‮ ‬خطوة تعد بحد ذاتها ضربة قوية لسُنة البحرين‮. ‬ولكن ما هي‮ ‬نظرة السيستاني‮ ‬للأوضاع السياسية في‮ ‬المنامة؟ وما طبيعة اللقاءات التي‮ ‬كانت تتم بين ممثله والسفير الأمريكي‮ ‬لبحث الموقف تجاه سُنة البحرين؟ هذا ما سنتحدث عنه‮ ‬غداً