Sunday, June 24, 2012

أخطر مراحل التاريخ المعاصر

محمد مبارك جمعة
هل نعيش عمق لحظات تطبيق مشروع التقسيم في الوطن العربي؟ تواردت أنباء من مصر مفادها أن إسرائيل قد تقدمت بشكوى رسمية ضد مصر في الأمم المتحدة بسبب «الأوضاع الأمنية في سيناء»، وكنت قبل أيام أستمع إلى مؤتمر صحفي للرئيس الأمريكي السابق «كارتر» من القاهرة يقدم فيه ملاحظاته حول سير العملية الانتخابية في مصر، وقال إن مندوبي مركزه (مركز كارتر) قاموا بزيارة جميع المناطق والمحافظات ما عدا سيناء بسبب ما أسماه «دواعي أمنية»، ونلاحظ اليوم أن جل التركيز في وسائل الإعلام الغربية أثناء الانتخابات المصرية، يتركز على أن الوضع في سيناء غير آمن، وأنه مضطرب، وأن إسرائيل تخشى على أمنها من «الإرهابيين» في سيناء، يضاف إلى ذلك أن إسرائيل توجه إلى مصر اتهامات بأن صواريخ «غراد» التي تسقط على إسرائيل تأتي من سيناء.
يذهب الكثير من المحللين إلى أن كل هذه الهالة الإعلامية الغربية حول الأمن في سيناء، والتحركات الإسرائيلية على الحدود، وبالطبع طبيعة الدور الخارجي الذي يمارس في انتخابات الرئاسة المصرية، يدور كله للتمهيد لأمر ما. هل هو يا ترى إعطاء المبررات الكافية لإسرائيل لاجتياح سيناء بحجة الدفاع عن النفس؟ إذا كان هذا هو الهدف الإسرائيلي في مصر فعلينا أن نفهم المصلحة الإسرائيلية في نتائج الانتخابات الرئاسية المصرية. إسرائيل لا تخشى على أمنها بقدر ما تريد أن تستخدم هذه الحجة - حجة الأمن - ورقة لتطبيق مشروعها. ومن هذا المنطلق، ما هي نتيجة الانتخابات المصرية التي تفضلها إسرائيل كي تبدأ في تنفيذ مشروعها من سيناء؟
من دون شك، مصر مقبلة على مرحلة خطرة جداًّ ودقيقة للغاية، لأن أي سيناريو تنفذه إسرائيل لاجتياح سيناء لن يأتي إلا من خلال تدمير الجيش المصري وإسقاط رايته، ومثل هذا الأمر لن تفعله إسرائيل من خلال خوض حرب مع الجيش المصري، بل من خلال محاولة إسقاط الجيش المصري من الداخل، وهناك اليوم في داخل مصر من يرفع شعارات مواجهة الجيش ويهدد بتحويل مصر إلى ليبيا أخرى.
رصدت مؤخراً التفافاً شعبيا مصريا حول الجيش، ورغم الاحتقان السياسي وكل الاحتجاجات التي يواجهها المجلس العسكري المصري بسبب الإعلان الدستوري المكمل، فإن أول جندي مصري يسقط أرضاً على يد أي جماعة من الداخل المصري سوف يؤدي إلى انتفاض الشعب المصري بأكمله ضد من تمتد يده لتقتل الجنود. إن الجيش المصري هو الضمانة الوحيدة لبقاء مصر، وهو الدرع المتين القادر على التصدي لكل ما يحاك حولها من مشاريع. المصريون يعرفون ذلك تماماً، ونحن أيضاً كعرب نعرف ذلك تماماً، ونقدر حجم الأهمية البالغة لدور الجيش المصري في حفظ مصر والأمة العربية بأكملها، وعلى من يرفعون اليوم راية مواجهة الجيش المصري أن يعيدوا حساباتهم جيداً وأن يدركوا حجم الخطر الذي يعرضوننا جميعاً إليه.