Sunday, June 24, 2012

حجر الأساس للرومانسية الحوارية

فيصل الدابي
من المعلوم أن المفهوم العام للرومانسية يعني "التعامل بلطف مع الآخرين في كل الظروف"، فالرومانسي هو شخص يتحلى بقدر كبير من الدبلوماسية والديمقراطية الشخصية فهو يتعامل بسلوك هادئ ورزين وقول لطيف ومهذب مع زوجته ومع صديقه ومع البائع ومع أي شخص لا يمت إليه بأية صلة مهما بلغت درجة الاختلاف ولا تسوء معاملته مهما ساءت الأحوال وتضاربت المصالح، فالرومانسي هو شخص بشوش، بعيد النظر، واسع الأفق، متعدد الثقافات، يجيد الحوار ويميل للتسامح ولا يتعصب لرأيه ويسارع إلى الاعتذار إذا أخطأ في حق شخص آخر ويستقيل من منصبه إذا أخطأ في حق المجتمع، ولعل ملامح الرومانسية الشرقية والغربية تتجلى في البرامج الحوارية الهادئة، قبول الأحزاب الخاسرة لنتائج الانتخابات وتهنئتها للأحزاب الفائزة، ورزانة وعقلانية وقِصر خطابات الرؤساء ولعل كل من هبّ ودبّ قد سمع بالرومانسية الفرنسية والمكسيكية وحتى التركية وبما تضخه من مسلسلات وأفلام تتخللها كميات تجارية من الرومانسية الطازجة.
من المؤكد أننا لم نسمع قطّ بالرومانسية العربية أو الأفريقية، فعندنا تجد الشخص السائر -لوحده- يبدو عابساً وكأنه مشتبك في مشاجرة مع نفسه، والناس عندنا يتقابلون يومياً في نفس المكان ولا يتبادلون التحية، وبعضهم يجعلك تكره إلقاء التحية حين يرد على تحيتك بترفع مقصود وحواراتنا مع زوجاتنا أو أولادنا أو أصدقائنا تعكس غياب الرومانسية الاجتماعية حيث تنفلت فيها الأعصاب وقد تتحول إلى سباب أو عراك كما نشاهد في برامجنا الحوارية وكل ذلك بسبب الانغلاق الثقافي والتعصب للرأي وعدم التسامح وعدم احترام الرأي الآخر ومصادرة حق التعبير وانعدام ثقافة الاعتذار وغياب أدب الاستقالة، كذلك نلاحظ غياب الرومانسية السياسية، فأي رئيس في دولة منقسمة عندنا يظهر بوجه عابس ويدلي بخطاب رئاسي طويل يموج بالتهديدات لخصومه السياسيين وأي انتخابات تُجرى عندنا لا بد أن يتم خلالها تبادل الاتهامات بالتزوير ولا يهنئ فيها الخاسرون الفائزين بأي حال من الأحوال.
من المؤكد أننا نحتاج إلى تغيير مفاهيمنا بشأن الرومانسية إذ يعتبر معظمنا أن الرومانسية مجرد دلع وقلة أدب وأن الإنسان العابس هو إنسان جاد ومهم، فالطب يؤكد أن الرومانسية توازن ضغط الدم وتجمل الوجوه وأن انعدام الرومانسية يرفع ضغط الدم ويشوه ملامح الإنسان، دعونا نقوم بوضع حجر الأساس للرومانسية العربية والأفريقية المبنية على العاطفة والخيال والمحتكمة إلى العقل والمنطق والمنضبطة بالقواعد القانونية والشرعية ونجرب استخدام لغة التعامل الراقي مع بعضنا البعض ولو ليوم واحد في كل أسبوع ونحلل أثر الرومانسية على أنفسنا وعلى من حولنا ثم نتمسك بها ونتناول المزيد من جرعاتها إذا اكتشفنا فوائدها الصحية، دعونا نبدأ منذ الآن فمشوار الألف ميل في طريق الرومانسية يبدأ بخطوة واحدة فهلا خطونا تلك الخطوة الصغيرة المهمة؟.