Sunday, June 24, 2012

غبار من مصر إلى الخليج

محمد مبارك جمعة
لا يوجد في مصر شيء اسمه «فلول»، والعيب كل العيب على من يردد هذا الكلام الهراء ومن ينساق خلف ثلة من الناس امتهنت توزيع الأوصاف على من خالفهم في الفكر والتوجه والرأي. اليوم ستعلن -على الأرجح- نتائج الانتخابات المصرية، وسيفرح من يفرح ويحزن من يحزن، فهذا هو حال الانتخابات في كل مكان، لا ترضي الجميع ولا تلبي طموحات الكل، ليس هذا هو الأمر المهم، المهم هو أن يحترم المواطنون آراء بعضهم طالما أنها لا تدعو إلى عنف ولا تؤدي إلى فوضى ولا تزدري أحداً.
في مصر صوت أكثر من ١٢ مليون مواطن مصري للمترشح الفريق أحمد شفيق، هذا يعني أن شريحة كبيرة جداً من شعب مصر، قد تصل إلى النصف أو أكثر، لا ترى أن النظام المصري السابق الذي كان يرأسه مبارك سيئاً، ناهيك عن الشريحة المتبقية التي ليست بالضرورة مؤيدة لإسقاط هذا النظام، وتتبقى شريحة قد تمثل حزباً أو حزبين أو ثلاثة أو حتى أكثر، هي التي تدعو إلى المواجهة والإسقاط، لكنهم لا يمثلون إلا نطاق مؤيديهم، وهم ليسوا كثر مقارنة ببقية الشعب الذي بات من الواضح أنه لا يشارك في فعاليات ميدان التحرير بعد أن تم احتكاره من قبل فئات حزبية معينة.
من العيب أن يتم وصف أكثر من ١٢ مليون مصري بأنهم «فلول»، هؤلاء مواطنون، لهم رأيهم ولهم احترامهم ولهم كل الحق في أن يعارضوا ما يجري الآن في مصر. لكن الأنكى من ذلك، أن عدوى توزيع الأوصاف على الناس انطلاقاً مما يحدث في مصر قد انتقلت إلى دول الخليج، وبات يمارسها فصيل سياسي ضد الآخر، وانجر خلفه بعض من ضيقي البصيرة، فإذا لم تكن مؤيداً للمترشح د. محمد مرسي، تفاجأ بأن هناك من يهجم عليك ويستخدم نفس الأوصاف التي تستخدم في مصر لوصف من لا يؤيده أيضاً. بمعنى آخر، أصبحوا يقولون لكل من (لا يؤيد) د. محمد مرسي، أو من (يؤيد) الفريق أحمد شفيق «فلول».. فهل ملايين المصريين الذين انتخبوا الفريق أحمد شفيق بمحض إرادتهم ووسط أجواء شفافة ورقابة دولية هم «فلول»؟ أي ديمقراطية وأي إصلاح هذا الذي يبدأ بالأسلوب الإقصائي؟
المصريون أحرار فيمن يختارون، وإذا كان مجتمعهم يعاني انقساماً حاداً بسبب تبعات الثورة وحدة المشاعر فإنه من الخطأ أن يقوم فصيل سياسي في الخليج باستيراد أوصاف معلبة من هناك ليستخدمها في حق إخوانه ممن يختلفون معه في وجهات النظر، يكفي ما نعانيه اليوم من حالة طائفية لم يبق أحد إلا وأصابه غبارها.