Sunday, June 24, 2012

إهمال تقرير الرقابة المالية في رقبة الجميع

حمد الهرمي
أين وضع تقرير الرقابة المالية والادارية الذي اعلن عنه وعن انجازه منذ اشهر تفوق الستة؟ في أي درج وضع؟ كنا ننتقد العاصفة التي تحدث بعد إصدار التقرير ونشره وكنا نطلق عليها مسبقا انها عاصفة في فنجان وكان أبطالها معروفين، لكن هذه المرة يبدو انه لا يوجد حتى ابطال قادرين على احداث العاصفة في فنجان، هل بلغ الأمر ان المخالفات القانونية الموثقة من قبل اجهزة الحكومة ذاتها غير مهمة ولا تستوجب التوقف عندها لحظة ومحاسبة المخطئين ليس بالنيابة وغيرها لكن على اقل تقدير بالعزل وإعطاء الفرصة لمن هم اكثر قدرة على الالتزام بالقانون؟
التقرير اليوم يشتمل على  الاخطاء المالية والادارية اي انه اكثر تعقيدا وصعوبة من التقارير السابقة، فلماذا حينما تطور عمل هيئة الرقابة واتسعت صلاحياتها في المتابعة والمراقبة صارت اهمية التقرير اقل بل انعدمت الى  درجة ان لا احد من المسئولين يحفل به ولا أي صحيفة حملت راية المخالفات. وبالطبع لا احد من النواب او كتلهم قالت ها انا ذا لدي برنامج جاهز للمحاسبة والمراقبة بإمكاني ان احدث تغييرا حقيقيا عبر منح هذا التقرير عضلات وانياب ومخالب، بعد ان يأسنا من ان تتخذ الدولة اجراءا ولو صغيرا حيال المقصرين بعد ان اهملت مخالفات احتوتها اكثر من ثمان تقارير للرقابة المالية قبل ان تنضم إليها المخالفات الادارية.
ابسط ما يمكن ان يصل الينا من رسالة عن مشروع الرقابة المالية والادارية برمته الذي تبنته الدولة كأحد اجراءات الاصلاح بأنه مشروع غير جاد ولا يمكن التعويل عليه لإصلاح حال المؤسسات والدوائر الرسمية، وهذه ليست نتيجة شخصية بل هي موجودة لدى كل الناس وكل المسئولين ايضا وهذا ما يفسر ان يكرر بعض المسئولين ذات الاخطاء على مدى سبع تقارير للرقابة دون ان يكترثوا او يهتموا لسبب بسيط فقط وهو انهم على ثقة بانه لن تطولهم ادنى محاسبة وان هذه المخالفات لن تؤدي الى اقصائهم من مناصبهم على اقل تقدير.
اذكر اني تطرقت لهذا الامر في مقال سابق واتذكر جيدا انه لم يكون هناك ادنى ردة فعل لا من النواب كوني وجهت لهم التهم بإهمال هذا الملف الهام والبرنامج الجاهز لإثبات جديتهم في جانب الرقابة والمحاسبة الذي هو من صميم صلاحياتهم وواجباتهم تجاه من انتخبهم، ولم يكن هناك رد فعل او تعليق من قبل هيئة الرقابة المالية والادارية التي ارتضت ان يكون جهدها مجرد عبث تبذله كل عام وتسلم تقريره للقيادة في اكتوبر من كل عام دون ان تضع ادنى خطة اعلامية تجعل من هذا التقرير جديرا بكل تلك الاموال التي تصرف على هيئة الرقابة وتقاريرها من المال العام.
اذا كان الامر سيستمر على هذا المنوال وهذه السلبية في التعامل مع هذه المخالفات فإنني اطالب كمواطن بإلغاء هيئة الرقابة وتوفير ما يصرف عليها لإنشاء مستشفى او دار رعاية او غيره من الخدمات التي لها تأثير مباشر على حياة الفرد، واذا رغبت الدولة في اعادة دراسة اعادتها للحياة فانه من الواجب ان يوضع ضمن قانونها تأثير ثبوت المخالفة على اي مؤسسة رسمية، ليصبح عملها ذا جدوى وله معنى وتأثير على صعيد واقع الحياة في البحرين.
اما وسائل  الاعلام المحلية ومن ضمنها التلفزيون والاذاعة فان عليها مراجعة دورها تجاه هذه المخالفات بوصفها مؤسسات اعلامية محايدة، كما عليها ان تعرف بان واجبها الرقابي يفرض عليها ان تتعامل مع نتائج التقرير ليس باعتباره معلومات عابرة بل يتعامل معها باعتبارها مؤشرات حقيقية على مستوى اداء هذه المؤسسة او تلك دون تمييز بينها كونها قريبة من هذا المسئول او بعيدة عن هذا المسئول المؤثر في تلك الصحيفة او غيرها من وسائل الاعلام.
ينبغي ان تسقط الاعتبارات لكي نصبح جديرين بالترخيص الذي نعمل وفقه كمؤسسات اعلامية وانا هنا اوجه الحديث للتلفزيون والاذاعة شأنه شأن الصحف المحلية او المؤسسات الاعلامية المختلفة على الشبكة الدولية (الانترنت)  او وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة، فاذا تهاونت الصحف مع هذا الحق العام بهذه الصورة المؤسفة فإنها بلا شك تفقد احد اهم اشتراطات منحها التصريح وهو الوطنية.
لا يمكن لأحد ان يقنعني بان قضية التهاون مع المخالفين في التعامل مع المال العام والحق العام اقل اهمية من قضية مثل البطالة او التجنيس او غيره من الملفات التي وضعت شعارات لتحريك الشارع، انطلاقا من هذه الحقيقة فإن الجميع مشارك في الغليان وفي مقدمتهم النواب في كافة الفصول التشريعية التي شهدت مقاطعة من قبل بعض الاحزاب او تلك التي شهدت مشاركتها، فكلهم تعاملوا مع تلك المخالفات اما من منطلق طائفي ، واما من منطلق حزبي وبرجماتي.
اذن الجميع ساهم في ضياع الحق العام عبر تفريطه في دوره الذي بإمكانه ان يكون العنصر الحاسم في جعل هذه القضية محورية وتساهم في شعور المواطن البحريني بان مقدرات وطنه محمية عبر اركان الدولة وهذا ما سيجعله بكل تأكيد يتعامل مع واقعه باحترام اكثر وبأسلوب ارقى.
لن نقبل من طرف من الاطراف تحميل الذنب لجهة معينة بل كل الجهات تحمل وزر غضب الشارع البحريني نتيجة لإهمال مخالفات مثبتة عبر الطريق الرسمي اي ان الحكومة قامت بما عليها تجاه اجزاء منها لتهمل الاطراف الاخرى من الدولة سواء رسمية او اهلية او سلطات اخرى دورها في استكمال الصورة التي سنعتبرها ناصعة وسنتمكن عبر الترويج للبحرين ان نجعلها في مقدمة الملفات التي تبيض وجهنا حينما يحاول البعض تسويده سواء امام المنظمات الدولية او امام الدول الكبرى او حتى في المحافل الاعلامية.. هكذا يتم ترتيب الملف الخاص بسمعة الدولة.